8كاجين أحمد ـ xeber24.net
منذ أربعة أيام وتركيا تقود حرب إبادة حقيقة ضد مكونات إقليم شمال وشرق سوريا، دون أدنى التزام بقواعد الاشتباك ومواثيق حقوق الانسان وسط صمت المجتمع الدولي والقوتين الدوليتين الضامنتين لخفض التصعيد إن لم يكن بموافقة ضمنية وضوء أخضر منهما.
فمنذ اليوم السبت الماضي 23/12/2023، قصفت الطائرات التركية الحربية والمسيرة المنشآت النفطية ومحطات الكهرباء والمياه والغاز في بلدات كركي لكي وديريك وتربسبيه بأقصى شمال وشرق سوريا، أدى إلى انقطاع إمدادات الغاز والتيار الكهربائي عن ملايين المدنيين إلى اليوم.
في اليوم الثاني، قصفت القوات التركية من قواعدها العسكرية القريبة من منبج والشهباء القرى الآهلة بالسكان في المنطقتين بريف حلب الشمالي أدى إلى وقوع إصابات بشرية في صفوف المدنيين إلى جانب قصف المسيرات لمدينة كوباني.
في اليوم الثالث، تركو قصف الطائرات الحربية التركية والمسيرة على مدينة قامشلو ومحيطها، ارتكبت من خلالها الدولة التركية مجزرة مروعة بحق المدنيين، حيث كان نتائج العدوان استشهاد 8 مدنيين وإصابة 19 آخرين جروح بعضهم بليغة، إلى جانب وقوع أضرار مادية كبيرة في المؤسسات الخدمية والطبية واالمنشآت الصناعية المدنية في مدينتي قامشلو وكوباني وعامودا.
في اليوم الرابع، أمس الثلاثاء، استهدف الطيران التركي بأكثر من 22 غارة جوية منشآت صناعية ومستودعات لتخزين الحبوب “صوامع” ونقاط لقوى الأمن الداخلي ومؤسسات خدمية ومنازل مدنيين في مدن وبلدات قامشلو وكركي لكي وعامودا والدرباسية وكوباني.
غضب شعبي وصمت دولي
نددت أحزاب سياسية وقوى مجتمعية ومدنية وحقوقية بالهجمات التركية التي استهدفت بشكل متعمد البنية التحتية والمراكز الخدمية والمنشآت الصناعية المدنية والمشافي والنقاط الصحية ونقاط لقوى الأمن الداخلي في بلدات ومدن إقليم شمال وشرق سوريا.
وأعربت هذه الأطراف والقوى عن قلقها إزاء صمت المجتمع الدولي والمؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، والدولتين الضامنتين لاتفاق خفض التصعيد في سوريا، روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرين إل أن هذا الصمت يعطي الضوء الأخضر للدولة التركية بالتمادي في انتهاكاتها وارتكاب المزيد من جرائم الحرب وممارسة إرهاب دولة ضد مكونات إقليم شمال وشرق سوريا، بعيدة عن الذرائع والحجج التي تسوقها من خلال إعلامها.
من جهتها أعلنت إدارة إقليم شمال وشرق سوريا يوم الاثنين الحداد العام بعد المجزرة التي ارتكبتها الغارات الجوية التركية في مدينة قامشلو، مع نشر نشطاء لوسم تحت عنوان “أوقفوا إبادة شعب روج آفا” على مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي والتدخل بوقف جرائم الدولة التركية بحق أبناء المنطقة.
في المقابل شهدت مدن وبلدات إقليم شمال وشرق سوريا من أقصاها إلى أقصاها، أمس الثلاثاء، مسيرات واحتجاجات غاضبة، تزامنت مع تشييع جثامين الشهداء الثمانية الذين قضوا خلال الغارات التركية على مدينة قامشلو.
تركيا تعترف بجرائمها وتسوق ذرائعها
أوردت وكالة الأناضول التركية أمس الثلاثاء في تقرير لها، أن جهاز الاستخبارات التركي هي من أدرات العدوان الذي شنها الطائرات التركية الحربية والمسيرة خلال يومي الاثنين والثلاثاء، بعد أن حصلت من متعاونين ميدانيين معلومات حول بنك أهدافها.
وادعت الوكالة الرسمية في تركيا نقلاً عن مصادر أمنية في جهاز الاستخبارات، انها استهدفت 50 منشأة تابعة لحزب العمال الكردستاني في كل من كوباني وقامشلو وعامودا، تنتج مستلزمات مختلفة داخل منشآت في سوريا، بدءا من اللباس ومستلزمات الحياة اليومية وصولا إلى الأسلحة والمتفجرات.
وأضافت، أنه بعد تحديد الاستراتيجية وإتمام الاستعدادات أطلقت الاستخبارات عملية دمرت خلالها بإصابات مباشرة نحو 50 منشأة كانت تأوي قياديين لحزب العمال الكردستاني أو تنتج مسلتزمات لوجستية ومتفجرات للحزب حسب ادعائها.
فيما وثقت وسائل إعلام ووكالات أنباء محلية ودولية أهداف العدوان التركي وهي جميعها عبارة عن محطات توليد الطاقة وتجميعها ومنشآت نفطية ومعامل ومصانع للمدنيين ومطابع للكتب ومشافي ونقاط لحفظ الأمن الداخلي في المدن والبلدات، لتبين زور الادعاءات التي تسوقها أنقرة لتبرير جرائمها.
موقف الدولتين الضامنتين
منذ الاجتياح التركي الأخير لمناطق شمال سوريا في عام 2019، والتي احتلت على إثرها كل من سري كانيه وكري سبي/رأس العين وتل أبيض في محافظتي الحسكة والرقة، تدخلت كل من روسيا وأمريكا لوقف التوسع التركي بسوريا، واعلنوا اتفاق خفض تصعيد في المنطقة.
خرقت تركيا اتفاقاتها المزدجة هذه بذرائع عدة، وجندت المسلحين السوريين من أتباع الائتلاف السوري بشن هجمات على مناطق التماس بشكل يومي بالوكالة عنها بدل من توحيد جهود هذه الفصائل المسلحة للضغط على النظام السوري وأرضاخه بحل الأزمة التي عصفت بالبلاد من 12 عاماً.
إلا أنه لم تخلى أي سنة من السنوات الأربعة التي تلت اتفاق خفض التصعيد من عدوان تركي شنته على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا تحت ذريعة حماية أمنها القومي، وشنت هجمات جوية استهدفت بشكل متعمد البنية التحتية والفوقية للمنطقة، مرتكبة مجازر وجرائم حرب بكل مقاييسها المتعارف عليها.
واللافت في الأمر أن كل من روسيا والولايات المتحدة لم تبديان أي موقف تجاه هذه الهجمات التي كانت تشن بوحشية وتستهدف المدنيين والبنية التحتية للمنطقة، رغم أنهما ضامنتان لاتفاق خفض التصعيد بين الطرفين.
ومع تكرار هذا الصمت والموقف المخزي من الدولتين، ولدت لدى إدارة إقليم شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” شكوك حول وجود موافقة ضمنية من قبل الدولتين المذكورتين ومنحمهما الضوء الأخضر لأنقرة بشن مثل هذه الهجمات.
قسد تعبر عن غضبها وتحذر
في العدوان الأخير للدولة التركية على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، والتي ليس لها أي مبرر بشن مثل هذه الهجمات على المنطقة كما المرات الماضية، حذر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” الجنرال مظلوم عبدي من استمرار هذا العدوان التي قد يودي بالمنطقة إلى حرب كبيرة.
وقال الجنرال في تغريدة عبر منصة إكس مساء أمس الاثنين، “أخذ العدوان التركي تحولًا خطيرًا اليوم، بتوسيع استهدافه للبنية التحتية والمرافق المدنية في شمال وشرق سوريا، هذا التطور يتسبب خسائر فادحة للمدنيين، ويشير إلى تبني سياسة إبادة جديدة”.
وأضاف، “التركيز على الاستهداف اللامتناهي يرفع مستوى القلق و التصعيد، مما يقوض الاستقرار و يزيد من المخاطر العابرة للحدود”.
ودعا الجنرال، تركيا إلى التركيز على قضاياها الداخلية ومعالجتها ضمن حدودها، وشدد في قوله: “مع الإلتزام بالدفاع عن حقوق وأمان شعبنا، نناشد المجتمع الدولي بالتدخل لردع تركيا، والحفاظ على استقرار المنطقة”.
هذا وفي ختام تغريدته، أعرب القائد العام لـ “قسد” عن قلقله قائلاً: “يعتبر صمـت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إشارة قلقة، إننا نعول على الاتفاقيات مع التحالف الدولي، لتفادي تفاقم الأوضاع وحدوث حرب كبيرة”.
بدوره، أكد المدير الاعلامي لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” فرهاد شامي بأن قواتهم لن تقف موقف المتفرج وستتحول إلى الدفاع المشروع، مؤكداً بأن الانتقام قادم، بعد أن نشر صوراً لشهداء مجزرة قامشلو عبر تغريدة في منصة أكس، مساء اليوم الثلاثاء.
ويبقى السؤال، هل تستجيب القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لتحذيرات القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي وتتدخل لوقف حرب الإبادة على إقليم شمال وشرق سوريا؟ أم أن المنطقة تتوجه إلى حرب كبيرة كما وعد قائد “قسد”؟