مثلما نراه اليوم من همجية منفلتة ترتقي لمستوى إرهاب الدولة تمارسه تركيا ضد مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا، كانت قد استهدفت منطقة عفرين في عام 2018م عسكرياً وبضرب البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية والصناعية ومصادر الطاقة وغيرها، واستهدفت أهاليها المدنيين بالقتل والإصابات المختلفة وهدم المنازل والتهجير والاختطاف والإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية وسرقة ممتلكاتهم وتبديد مصادر أرزاقهم ولا زال… الخ من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
فيما يلي وقائع عن الأوضاع السائدة:
= قرى استيطانية:
أ- بتاريخ 11/1/2023م، افتتحت “مؤسسة وفاء المحسنين الخيرية-Ihveder” قرية “الوفاء 2” السكنية الاستيطانية، المؤلفة من /80/ منزلاً (تتألف الوحدة السكنية من غرفتين ومطبخ وحمام وحديقة أمامية، بمساحة /113/ متر مربع)، حيث باشرت ببنائها في تشرين الأول 2022م وبـ”تبرع من الشعب العماني” وفق المؤسسة، وعلى مساحةٍ حوالي /1.5/ هكتار من أرضٍ شمال غربي حي المحمودية بمدينة عفرين، عائدة لعائلة “برهو” من أهالي المدينة، تمّ قلع مئات أشجار الزيتون منها، إذ تجنبت المؤسسة ذكر موقع القرية واسم المنطقة في معرفاتها الالكترونية.
وكانت المؤسسة قد افتتحت سابقاً في آب 2022م قرية “الزعيم” الاستيطانية قرب قرية “ديربلوط”- جنديرس، التي تضم /34/ وحدة بـ/136/ شقة سكنية كمرحلة أولى، وتستمر في بناء /80/ وحدة كمرحلة ثانية.
يُذكر أن “وفاء المحسنين” تأسست في تركيا عام 2018م، ولها مكاتب وفروع في العديد من الدول (تركيا، فلسطين، سوريا، لبنان، اليمن، بورما، بوركينا فاسو)، ورئيس مجلس إدارتها هو “عبد الله محمد الأسطل” المنحدر من مدينة خان يونس/قطاع غزة الفلسطينية.
ب- بتاريخ 25/2/2023م، بحجة “إيواء المتضررين من الزلزال”، سارعت “مؤسسة الخير- مكتب الشرق الأوسط” إلى وضع حجر الأساس لبناء قرية استيطانية جديدة في موقعٍ بجبل “الأحلام” قرب قرية “كيمار” – شيروا/جبل ليلون، وذلك بالتعاون مع “الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (أنصر) – تركيا” شريكها الرئيسي.
وفي 8/4/2023م، كشفت مؤسسة الخير عبر مقطع فيديو منشور في صفحته الفيس بوك عن استمرار العمل وبسرعة في بناء ألف وحدة سكنية (مساحة الواحدة منها /50/ متر مربع).
وبعنوان “تجوز الزكاة”!، عبر موقعها الالكتروني الرسمي، لا تزال المؤسسة تدعو لتمويل هذا المشروع تحت يافطة “بيت بدل خيمة في الشمال السوري”.
يُذكر أن المؤسستين تعملان في فلك تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، وبعناوين خيرية إسلامية، حيث تأسست “مؤسسة الخير” عام 2003م ولها مشاريع في /29/ دولة، أما “أنصر” فتأسست عام 2011م بترخيصٍ في تركيا ولها مكتب رئيسي في مدينة عنتاب.
ج- في 27/9/2023م، نشرت وكالة نورث برس خبراً عن بناء “مستوطنة عباير على أرض حرش قرب قرية قورتقلاق بناحية شران، مؤلفة من /250/ منزلاً”، وبعد التقصي حصلنا على صورة ليافطة الدلالة للمشروع، لم يكتب عليها سوى “قرية عباير… بتبرع كريم من الأخت عباير- الشمال السوري”، دون ذكر معلومات أساسية عن المشروع والجهة المنفذة والجهة الممولة، وليس للمشروع صفحة رسمية أو معلومات منشورة في الشبكات الإلكترونية؛ ولكن مصدر محلي أكّد على أن المشروع ينفذ بإشراف المدعو “عرابة ادريس” أحد متزعمي ميليشيات “فرقة السلطان مراد” وابن شقيق “سليم ادريس- وزير دفاع حكومة الائتلاف المؤقتة السابق” والمنحدر من بلدة “المباركية”- ريف حمص، والذي قام سابقاً بقطع كامل حرش حراجي بمساحة حوالي /18/ هكتار في مدخل قرية “قورت قلاق/الديب الكبير” الشرقي بالإضافة إلى أحراش كبيرة أخرى في محيط قريتي “قورت قلاق، كفروم” المتجاورتين، ويُبنى على جزء من أرضه هذا المشروع السكني الاستيطاني.
= اختطاف واعتقالات تعسفية:
– أشرنا في تقريرنا السابق إلى اختطاف المواطن “أكرم حنيف بكر” من أهالي قرية “بليلكو”- راجو بُعيد اجتياحها في شباط 2018م من قبل الجيش التركي وميليشياته السورية، وإخفائه قسراً إلى الآن؛ وقد أكّد مصدر مقرّب منه على انقطاع التواصل معه منذ اختطافه وأنه لم يكن مشاركاً في الأعمال القتالية، بل هو مدني واسمه الصحيح “أكرم عمر بن محمد” من مواليد عام 1961م، ولا يزال مجهول المصير، وأسرته مهجرة قسراً إلى منطقة الشهباء شمالي حلب.
– بتاريخ 12/9/2023م، اعتقلت المواطنة “نذيرة حميد مصطفى /50/ عاماً” من أهالي قرية “شيخوتكا”، من قبل الاستخبارات التركية وشرطة معبطلي، بتهمة العمل مدرّسة لدى الإدارة الذاتية السابقة، واقتيدت إلى مركز عفرين ولا تزال قيد الاحتجاز التعسفي.
– أواسط آب الماضي، اعتقل المواطن “محمد فهمي شيخو /45/ عاماً” من أهالي بلدة بلبل، من قبل الاستخبارات التركية وشرطة بلبل، بُعيد وصوله إلى البلدة قادماً من وجهة النزوح- حلب، بتهمة التوظيف لدى النظام/الدولة، ولا يزال قيد الاحتجاز التعسفي، ويتعرض ذويه للابتزاز المادي.
– منذ حوالي عشرين يوماً، بُعيد عودته من وجهة النزوح- حلب إلى دياره، اعتقل المواطن “جميل حكمت جعفر /31/ عاماً” من أهلي قرية “معملا”- راجو، من قبل ميليشيات “الشرطة المدنية”، بتهمة العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة، واقتيد إلى سجن ماراته المركزي في عفرين، ولا يزال قيد الاحتجاز التعسفي.
– بتاريخ 21/9/2023م، المواطنين “لقمان محمد حسن /34/ عاماً، أحمد علي العيسى /33/ عاماً” من أهالي قرية “ديربلوط” من قبل ميليشيات “الشرطة المدنية في جنديرس”، بتُهم العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة، وأطلقت سراحهما بعد ثلاثة أيام سجن وفرض غرامة مالية عليهما.
– بتاريخ 23/9/2023م، اعتقل المواطن “حسين زهر الدين دالو /30/ عاماً” من أهالي قرية “هيكجه”، من قبل الاستخبارات التركية وميليشيات “الشرطة العسكرية في جنديرس، بتهمة العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة، واقتيد إلى سجن ماراته المركزي بعفرين، ولا يزال قيد الاعتقال التعسفي.
– منذ أسبوعين، اعتقل المواطن “محمد خليل إيبش /43/ عاماً” من أهالي بلدة “كفرصفرة”، من قبل شرطة جنديرس، بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة، ولا يزال قيد الاحتجاز التعسفي.
– ظهيرة 29/9/2023م، تمّ اختطاف المواطن “شيخو جميل حاج أحمد زادة – مواليد 1964م” من أهالي قرية “زيتوناك”- شرّا/شرّان، من قبل مجموعة مسلّحة، في طريق ذهابه من عفرين إلى قريته عبر طريق راجو، في محيط قرية “كمروك”، حيث عُثر على سيارته قرب قناة مياه الري، ولا يزال مجهول المصير؛ المختطف مهندس مدني عمل لدى مجلس بلبل المحلي وتركه قبل عام.
– بتاريخ 1/10/2023م، اعتقل المواطن “محمد سعيد شيخ سيدي /28/ عاماً” من أهالي قرية “شيخوتكا”، من قبل الاستخبارات التركية وشرطة معبطلي، بتهمة العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة، واقتيد إلى مركز عفرين.
= موسم الزيتون:
مع قرب حلول موسم الزيتون الذي يشكل المصدر الرئيسي لمعيشة أهالي المنطقة، وعلى غرار الأعوام السابقة من الاحتلال التركي منذ 2018م، عدا عن جموع اللصوص من المسلّحين والمقربين منهم من المستقدمين المدنيين الذين يسرقون ثمار الزيتون على نطاقٍ واسع، يلجأ متزعمو ميليشيات “الجيش الوطني السوري” إلى مختلف السبل والحيل للاستحواذ على المزيد من الإنتاج، مثل الاستيلاء على حقول عائدة للغائبين أو إلغاء الوكالات أو فرض إتاوات بين /10-50/% على الانتاج أو إجبار المزارعين على عصر الزيتون في معاصر خاصة بهم، نذكر منها:
– ميليشيات أحرار الشرقية في بلدة راجو وقرى تسيطر عليها أبلغت أهاليها بحصر عصر الزيتون في عدد من المعاصر (سعيد أومي/ممالا، عبدكور/قوس راجو، عمر/ كؤرا، أمين/مفرق قنتره، أبو رشيد/مفرق قنتره) كي تستحكم بجمع الإتاوات، لاسيّما أنها تفرض نسبة 50% على انتاج حقول الغائبين و/5-10/% على انتاج حقول المواطنين المتواجدين.
– قسم من حقول زيتون قرية “زركا”- راجو تقع تحت سيطرة ميليشيات “أحرار الشرقية” التي طالبت مجدداً بإحضار وثائق الملكية (التي يصعب الحصول عليها والإتيان بها من حلب)، وتثبيتها لدى مكتبها الاقتصادي في راجو، وإلّا سيتم الاستيلاء على تلك الحقول.
– أصدر المدعو عدنان الخويلد/أبو وليد العزة مسؤول “اقتصادية فرقة السلطان مراد” قراراً بمنع قطاف الزيتون وفتح المعاصر في ناحية بلبل قبل تاريخ 1/11/2023م تحت طائلة عقوبات شديدة، في حين الموعد المعتاد هو 15/10/2023م، حتى يتمكن من تجهيز معصرة خاصة به في قرية “قسطل مقداد” وتوجيه أكبر قدر من الموسم إليها، في حين لا يمنع اللصوص من السرقات في هذه الفترة.
– بحجة حراسة حقول الزيتون من السرقات، ميليشيات “لواء صقور الشمال” المسيطرة على قرية “كمروك”- مابتا/معبطلي تفرض إتاوة /50/ دولار على كل حقل زيتون لا يزيد عن /100/ شجرة، وتزداد مع ازدياد أعداد الأشجار.
= انتهاكات أخرى:
بعد عودته من وجهة النزوح- تركيا إلى دياره بشهرين، لم يتمكن المواطن “قازقلي عكرمة /60/ عاماً” من استعادة منزله في قرية “مسكه تحتاني”- جنديرس، إلّا بعد دفع /1500/ دولار للمسلح (من ميليشيات جيش الشرقية) الذي كان يستولي عليه منذ عام 2018م، علاوةً على سرقة محتويات المنزل سابقاً وحاجته للإصلاح أيضاً؛ وقام هذا المسلّح بطرد المواطن “حسين محمد شيخو بطال سيدو /43/ عاماً” وأسرته عنوةً من منزل شقيقته وزوجها “إسماعيل بطال سيدو” المهجرين قسراً، ليستولي عليه ويسكن فيه، فاضطّر “حسين” لإسكان أسرته في غرفة بدار والده مع أٌسر أشقائه في القرية.
هناك صمتٌ دولي مريب حيال الاعتداءات التركية الهمجية على سوريا، وعن مختلف الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد عفرين وأهاليها، خاصةً وأنّ الاحتلال التركي تنفذ خطة ترسيخ التغيير الديموغرافي ضد الكُـرد فيها، بتمليك المستقدمين من المحافظات السورية الأخرى منازل اسمنتية ثابتة لتُنسي قاطنيها فكرة العودة إلى ديارهم الأصلية.
المصدر:حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)