كاجين أحمد ـ xeber24.net
قالت الدكتورة منى سليمان باحث أول ومحاضر في العلاقات الدولية والشأن التركي، أن حكومة أردوغان، ضغطت على أوروبا وأمريكا لضرورة التعاون والتنسيق الأمني معها، بعد أن كشفت أنها تملك معلومات تفصيلية عن 10 آلاف شخص من “الذئاب المنفردة” يمثلون خلايا لتنظيم داعش الإرهابي متوزعين في بلدان قارتي أوروبا وأمريكا.
وقالت سليمان في تقرير حول العلاقة بين حكومة أروغان وتنظيم داعش الإرهابي، نشرها صحيفة زمان التركية يوم أمس السبت، أن أنقرة أعلنت في أغسطس 2023، عن أن “شرطة مكافحة الإرهاب” بإسطنبول تمكنت من الاستحواذ على قاعدة بيانات تحتوي على أسماء ومعلومات تفصيلية حول 9 آلاف و952 من عناصر “داعش” من “الذئاب المنفردة” في (الولايات المتحدة الامريكية، كندا، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، السويد، النرويج، الدنمارك، سويسرا، النمسا، وإسبانيا)، وهم يمثلون خلايا التنظيم الإرهابي النائمة بتلك الدول، وهذا للتدليل على دورها الهام في مكافحة الإرهاب وضرورة التنسيق الأمني بينها وبين تلك الدول.
وبعد أن أسردت الباحثة في تقريرها العلاقة الجدلية بين التنظيم الإرهابي وحكومة أردوغان والتي مرت بأربعة مراحل، كتبت أن أنقرة تهدف من تحركاتها الحالية ضد تنظيم داعش إلى تحقيق عدة أهداف بعيدة عن محاربة الإرهاب كما تدعي،
– القضاء على التنظيمات الكردية: كافة التحركات التركية لمحاربة “داعش” تهدف منها أنقرة التأكيد على أن تواجد “داعش” في سوريا يشكّل تهديدًا لأمنها القومي، وتستخدمه أنقرة ذريعة لتبرير الهجمات المستمرة والقصف الجوي لها على شمال سوريا والعراق على معسكرات التنظيمات الكردية المسلحة وقوات (سوريا الديمقراطية) “قسد” (قوات كردية عربية تسيطر على نحو 30 % من مساحة سوريا وتقدر عدد قواتها بنحو 60 ألف مقاتل وتتمركز بالمناطق الكردية شمال سوريا ساهمت في محاربة “داعش” وتلقت تدريب وتسليح أمريكي مستمر).
وأوضحت الكاتبة، أن أردوغان يفضل سيطرة “داعش” على القرى والمدن بشمال سوريا بدلًا من سيطرة القوى الكردية التي يرى أنها تهديد وجودي للدولة التركية، ما يشير إلى عزم “أردوغان” شن عمليات عسكرية جديدة على المناطق الكردية بشمال سوريا والعراق، والتي ستؤدي لحالة من “الفوضى الأمنية” وتعزز نشاط عناصر “داعش” بالمنطقة.
– الحصول على دعم دولي بمحاربة الإرهاب: تروج تركيا للمجتمع الدولي بأنها تحارب التنظيمات الإرهابية وتحتاج لدعم دولي سياسي عسكري لتحقيق ذلك، كما تعمل على إقناع المجتمع الدولي وواشنطن أنها جادة في محاربة الإرهاب ويمكن الاعتماد عليها أوروبيًّا وأمريكيًّا في ذلك، مما يساهم في حصولها على صفقات أسلحة جديدة ودعم سياسي ولوجيستي لمحاربة “داعش”، حيث تسعى تركيا لتقديم نفسها كوكيل غربي لمحاربة الإرهاب، ولتحقيق ذلك أعلنت في أغسطس 2023، عن أن “شرطة مكافحة الإرهاب” بإسطنبول تمكنت من الاستحواذ على قاعدة بيانات تحتوي على أسماء ومعلومات تفصيلية حول 9 آلاف و952 من عناصر “داعش” من “الذئاب المنفردة” في (الولايات المتحدة الامريكية، كندا، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، السويد، النرويج، الدنمارك، سويسرا، النمسا، وإسبانيا)، وهم يمثلون خلايا التنظيم الإرهابي النائمة بتلك الدول، وهذا للتدليل على دورها الهام في مكافحة الإرهاب وضرورة التنسيق الأمني بينها وبين تلك الدول.
– التغطية على حالات قمع المعارضة والكرد: تشن الحكومات التركية المتعاقبة عمليات اعتقال وقمع ضد الأحزاب والشخصيات الكردية داخل البلاد منذ الانقلاب المزعوم في منتصف 2016، بذريعة تورط الكرد مع منفذي الانقلاب والتنظيمات الإرهابية.
خلاصة القول، أن الغموض هو السمة الغالبة على التعامل التركي مع تنظيم “داعش” حيث أنها تعمل على توظيف حربها ضده لتحقيق أهداف أخرى غير محاربة الإرهاب أبرزها القضاء على التنظيمات الكردية بشمال سوريا والعراق وإحباط أي محاولات لإنشاء “كيان كردي” بتلك المناطق، وتوسيع مناطق سيطرتها ونفوذها بشمال سوريا التي احتلت بها عدة مدن منذ عام 2016 بمعاونة ما يسمى بـ“الجيش السوري الحر”، وللتدليل على ذلك ففي فبراير 2023 نشرت تقارير استخباراتية غربية تؤكد أن الكثير من قادة “داعش” هربوا إلى تركيا وعادوا منها إلى بلادهم، وبعضهم استقر في تركيا دون أن يتمّ كشفه من قبل السلطات أو الأجهزة الأمنية التركية، ولذا فإن أنقرة ستواجه معضلة أخرى بعد تحقيق أهدافها من محاربة “داعش” والتنظيمات الكردية التي لن تتمكن من القضاء عليها كليًّا لأنها جزء من النسيج المجتمعي التركي والسوري والعراقي، وتلك المعضلة تتمثل في عودة الأتراك المنخرطين بتنظيم “داعش” لبلادهم حيث تشير التقديرات إلى وجود ثلاثة آلاف تركي في التنظيمات الجهادية الموجودة في سوريا، منهم 750 شخص في صفوف تنظيم “داعش”، وعودة هؤلاء سيكون له العديد من التأثيرات السياسية والأمنية والاجتماعية وقد بدأت في الظهور بالفعل حيث انتشرت الجماعات والفكر الجهادي السلفي في المدن التركية الحدودية وإسطنبول أيضًا وهو ما يعد “غريبًا” على المجتمع التركي المنفتح على كافة الثقافات والأديان، ويهدد بزيارة الاحتقان المجتمعي بين أحزاب المعارضة العلمانية والأحزاب ذو الخلفية الإسلامية حال قررت الأخيرة مناصرة الجماعات السلفية، كما أن عودة الشباب التركي من “داعش” لبلاده سيمثل تهديد للأمن القومي للبلاد لأنهم ربما يسعون لتكوين “تنظيمات إرهابية” أو تنفيذ عمليات إرهابية لا سيما بالأماكن السياحية، ولذا الأحرى بالدولة التركية وضع خريطة طريق شاملة للتعامل مع تلك المعضلة أمنيًّا وسياسيًّا وفكريًّا.