كاجين أحمد ـ xeber24.net
لا تدخل مثل هذه التصريحات في إطار دبلوماسية الدول، سيما وأن الحقائق لم تعد مخفية عن أحد، حتى يخرج وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على وسائل الاعلام، ويدلي بتصريحات بعيدة كل البعد عن الواقع ولا يعكس سوى أنها مجرد تراهات تريد تركيا من العالم تصديقها في حين أنها نفسها لا يمكن أن تصدقها.
اليوم السبت، وفي حديث لقناة “فرانس 24” الفرنسية، زعم الوزير التركي، أنه كان هناك تعاون على أعلى المستويات بين تركيا وهيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” بشأن مقتل زعماء تنظيم داعش في سوريا.
وردا على سؤال حول عما إذا كانت “هيئة تحرير الشام” قد لعبت دورا في مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” و”القاعدة”، ادعى فيدان إن الهيئة “أظهرت تعاونا جيدا خاصة في تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بمكافحة داعش، وساهمت بشكل كبير في هذا الصدد”.
وقال الوزير التركي، أنهم لم يعلنوا عن هذا الأمر فيما مضى “نظرا لحساسية الأمر”.
وتابع زاعماً، أن “هيئة تحرير الشام كانت لسنوات تتعاون مع تركيا في جمع المعلومات الاستخباراتية عن التنظيمات المرتبطة بـداعش والقاعدة”.
وفيما يتعلق بوجود تعاون أيضا حول أهداف معينة مثل القضاء على زعيم “داعش” السابق أبو بكر البغدادي، قال فيدان: أن “هيئة تحرير الشام” كانت تتعاون مع تركيا في مثل هذه الأهداف أيضا.
الكثير من الجهات المختصة والتقارير الدولية اثبتت عن وجود ارتباط عضوي بين تنظيم داعش والدولة التركية، وتعاون وثيق بين الطرفين، خاصة في سوريا، وإذا كان حديث الوزير التركي فيها شيء قليل فقط من الصدق، لكان على الأقل مقتل أحد زعماء داعش على يد القوات التركية التي كانت متواجدة وبكثافة من مكان مقتلهم في سوريا.
وقُتل زعيما التنظيم البارزين أبو بكر البغدادي في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير/شباط 2022 على يد القوات الأميركية على مقربة أمتار من القواعد العسكرية التركية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، مؤكدة مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في العمليتين.
فيما قتل زعيمه الثالث أبو الحسن الهاشمي القرشي عام 2022، حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مقتله على يد الجيش السوري الحر في درعا جنوب سوريا.
وإن صح حديث هاكان فيدان وزير الخارجية التركي، فإن تركيا كانت تعمل على حماية زعماء تنظيم داعش، الذين اختاروا المناطق الواقعة تحت سيطرة أنقرة كأفضل ملاذ آمن لهم في سوريا.
هناك الكثير من التقارير التي تؤكد وجود العشرات بل المئات من قيادات التنظيم في مناطق عفرين وجرابلس واعزاز وسري كانيه وكري سبي التي تحتلها تركيا، إضافة إلى انضمام عناصرها إلى الفصائل المسلحة التي تديرها تركيا هناك ضد الكرد في سوريا.
ورغم أن الوزير التركي ادعى في وقت سابق، أنه لا يمكن لبلاده الجلوس والتفاوض مع “الإرهابيين” في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد” هذه القوة التي حاربت أعتى تنظيم إرهابي وهزمته بشهادة المجتمع الدولي، لا يصنفها أي دولة في قوائم الإرهاب إلا تركيا فقط وذلك لأسباب سياسية بحتة، قال فيدان أنه سيلتقي مع زعيم هيئة تحرير الشام الذي لا يزال مصنفاً على قوائم تركيا للإرهاب.
وزعم فيدان في هذا الصدد: “إدراجنا إياها على قوائم الإرهاب مرتبط بقرارات الأمم المتحدة، نحن بالطبع نلتزم بقرارات مجلس الأمن، ولكن هناك الآن وضع مختلف يتعارض فيه البعد القانوني مع البعد الواقعي للأمر”.
هذا وفي نهاية المطاف، يجب علينا تصديق حديث الوزير التركي، ولكن يجب ترتيب هذا الحديث في سياقه الواقعي.