هل أردوغان صادق في إطلاق مفاوضات سلام مع حزب العمال الكردستاني!؟
كاجين أحمد ـ xeber24.net
منذ أيام وتعج وكالات أنباء ووسائل إعلام تركية وإقليمية بتقارير تفيد بعزم السلطات التركية عن إطلاق مفاوضات سلام مع حزب العمال الكردستاني والافراج عن زعيمه عبد الله أوجلان، الذي يقبع في سجن انفرادي بجزيرة إمرالي في بحر مرمرة مع إجراءات عزل مشددة، خاصة بعد دعوة حليف أردوغان وزعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف دولت بهتشلي بالإفراج المشروط عن الزعيم الكردي “أوجلان”.
وبداية الشهر الجاري، خلال المشاركة في احتفالية بعيد تأسيس الجمهورية التركية قال أردوغان معلقاً على دعوة حليفه بهتشلي بشأن الافراج عن “أوجلان”: “إن العالم والمنطقة تشهد تطورات تاريخية ومرحلة يُبحث خلالها عن سبل لإعادة الهيكلة السياسية والاقتصادية، سيكون من المفيد أكثر تناول النهج المتبع مؤخراً بقيادة حزب الحركة القومية الشريك في تحالف الجمهور في ضوء هذه الخلفية الواسعة دون أية أحكام استباقية” أي أن أروغان أعلن عن عزمه في إطلاق مفاوضات سلام مع حزب العمال الكردستاني والافراج عن القائد الكردي أوجلان.
وفي تناقض لحديثه الذي اعتبره الكثير من المحللين أنه أطلق مبادرة للحل، تابع أردوغان في تعليقه، “أنه بتوحيد الجبهة الداخلية لن تنجح التنظيمات الإرهابية ولا قوى الشر التي تدفع بتلك التنظيمات الإرهابية”، ليثير الكثير من الشكوك بهذه الكلمات لدى المراقبين والمحللين أن أردوغان في الوقت الذي يطرح فيه مبادر سلام ينعت أقوى جبهة كردية في تركيا بـ “الإرهاب”.
ثم أضاف في حديثه، “أن الصعوبات لن تنجح في تحيد تركيا عن مسارها وأن تركيا حكومة وشعبا لن تتهرب من مواجهة الألاعيب التي تُحاك على الصعيدين الدولي والإقليمي ولن تتراجع وتنهزم أمام الألاعيب الخبيثة، سننفذ بدون شك القرن التركي بكل أهدافه السياسية والاجتماعية والاقتصادية. دعونا ننمي ونعزز هذه الأخوة الممتدة لألف سنة. كم من سينصت لدعوتنا الصادقة هذه ويفتح قلبه لها ويشارك بها سينال المكانة التي يستحقها بصفحات التاريخ المجيدة”.
ماهي مبادرة أردوغان؟
في كلمة أمام الكتلة النيابية لحزبه، قال أردوغان قبل أيام قليلة، “نحن عازمون بحول الله على تتويج مسيرتنا السياسية المستمرة منذ 4 عقود عبر إنهاء مشكلة الإرهاب بشكل كامل”، في إشارة إلى المشكلة القائمة بين السلطة التركية وحزب العمال الكردستاني، وأضاف، “لا يمكن أن تقف السياسة جنبًا إلى جنب مع الإرهاب ولا يمكن لإرهابي أن يمارس السياسة المدنية”.
وادعى الرئيس التركي قائلاً: “لقد فعلنا كل ما هو ضروري لتوسيع نطاق الأخوة بين الأتراك والأكراد، لكن في كل مرة واجهنا جدارا خيانة وعار أشكر السيد بهتشلي وأنصاره على شجاعتهم في رسم المسار التاريخي لبلادنا بمبادراتهم الجريئة”.
وتابع، “أنا واثق من أن حزب الشعب الجمهوري بقيادة السيد أوزغور أوزال سيقف في المكان الصحيح إلى جانب الأخوّة الشعبية في هذا المنعطف التاريخي الذي تمر به بلادنا والمنطقة بأسرها”.
وأثنى على موقف زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزجور أوزال، من دعوة رئيس حزب الحركة القومية وحليف أردوغان السياسي، دولت بهتشلي، بشأن الإفراج عن القائد الكردي وزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، التي وصفها أردوغان “بالنافذة لفرصة تاريخية”.
ويرى المراقبون، أن مبادرة أردوغان في الحل تتلخص في خطوتين، هو إطلاق المفاوضات مع حزب الديمقراطية والمساوة الشعبية ” DEM Party”، والافراج عن القائد عبدالله أوجلان مقابل إعلانه حلّ حزب العمال الكردستاني، كما دعا إليه دولت بهتشلي شريك أردوغان في الحكم في طرحه للإفراج عن “أوجلان”.
فيما يرى آخرون من المراقبين والمحليين، أن أردوغان بحاجة ماسة إلى إطلاق مثل هذه المبادرة في هذا التوقيت الحرج له ولحزبه الحاكم الذي بدأ يفقد شعبيته، وذلك لإدارة المرحلة وتمرير دستور جديد يتيح له البقاء في السلطة.
مبادرات إقليمية ودولية
لا بد أن أردوغان يستند في أطروحاته حول إطلاق مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني إلى وسيط دولي أو إقليمي، الذي يقع عليه مهمة ترتيب جدول أعمال المفاوضات ورعايتها، وضمان الوصول إلى نتائج إيجابية.
والجمعة الماضية أجرى رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني زيارة إلى تركيا والتقى مع أردوغان في مدينة إسطنبول دون برنامج معلن لهذه الزيارة، التي كان محورها الأساسي عملية السلام بين السلطة التركية وحزب العمال الكردستاني بحسب مصدر حكومي عراقي.
لم تنجح العملية العسكرية التي أطلقتها أنقرة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، ولم تحقق الهجمات البرية والجوية أية نتائج مرجوة بالنسبة إلى السلطة التركية سوى تكبدها المزيد من الخسائر في الصفوف العسكرية وأعباء مالية تزيد ثقل أزمتها الاقتصادية.
هذه العملية العسكرية التركية، هزت ما تبقى من السيادة العراقية المسلوبة أصلاً، وخلقت أزمة سياسية في البلاد، مع تزايد القواعد العسكرية التركية والسيطرة على مناطق واسعة في محافظة دهوك التابعة لإقليم كردستان.
ويبدو أن الوسيط العراقي هو أفضل عنصر مرشح لدور الوساطة بسبب ما ذكر آنفاً، كما أنه يلعب دور مشابه في خفض حدة توسع الصراع القائم بين إسرائيل وإيران، منعاً لتوسع نطاقها ونشوب حرب إقليمية.
وعن الزيارة التي أجراه السوداني إلى إسطنبول، قال المصدر الحكومي العراقي لوكالة “روج نيوز” أن هذه الرسالة تتعلق برسالة القائد عبد الله أوجلان ومسألة الافراج عنه.
وكان أوجلان خلال آخر زيارة عائلية له نقل رسالة إلى الرأي العام والسلطات التركية عبر ابن شقيقه عمر أوجلان، أنه “إذا توفرت الظروف، أمتلك القوة النظرية والعملية لنقل هذه العملية من أرضية الصراع والعنف إلى أرضية قانونية وسياسية”.
ووفق الالمصدر حكومي فإن “زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تركيا كانت على ترتيب مسبق وبطلب من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لمناقشة مختلف القضايا أبرزها الأحداث في المنطقة وتأثيرها على الأنظمة”.
وأوضح، أنه تم خلال لقاء السوداني وأردوغان، “شرح فكرة مشروع كردستان الذي تسعى أليه أميركا لتطبيقه في المنطقة”.
والمصدر الحكومي أشار في حديثه إلى انه “خلال الفترة الأخيرة خصوصاً مع تصاعد موجة الصراع في المنطقة وجدت تركيا نفسها في مأزق داخلي مع الكرد المطالبين بحقوقهم تفسرت هذه بعد تصاعد نقاش الافراج عن عبدالله اوجلان مقابل انهاء الصراع مع الحزب العمال الكردستاني”.
ولفت إلى، أن السوداني وأردوغان توصلا إلى نتيجة أهمية القائد اوجلان في المرحلة المقبلة للمنطقة، مضيفاً ان “هناك رؤية عند الحكومة العراقية بالاتفاق مع تركيا تدور حول الافراج عن قائد الشعب الكردي عبدالله اوجلان ونقله الى العاصمة بغداد”.
من جهة أخرى، أوضح الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، أن هناك أطراف دولية في التحالف الدولي يعملون على تمهيد الأرضية المناسبة لبدء حوار بينهم وبين أنقرة.
على الرغم من الجنرال عبدي، يؤكد استقلالية قواته عن حزب العمال الكردستاني، وأنهم ملتزمين بفكر القائد أوجلان كمفكر وفيلسوف، إلا أن حكومة أنقرة وحزب أردوغان يعتبرون أن قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وحزب الاتحاد الديمقراطي هو الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني.
يبقى في النهاية هو السؤال عما إذا كان أردوغان وحليفه السياسي دولت بهتشلي صادقان في دعوتهما للسلام وحل القضية الكردية، أم أنها مناورة جديدة من الكتلة الحاكمة في أنقرة حتى الوصول إلى هدفهم في تمرير دستور جديد يمنحهما البقاء في حكم تركيا مدة أخرى؟