وزير الخارجية التركي في بغداد وأربيل برداء رجل المخابرات

مشاركة

كاجين أحمد ـ xeber24.net

وصل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى العاصمة العراقية بغداد، وكان في استقباله بمطار بغداد نظيره العراقي فؤاد حسين وعدد من المسؤولين في الوزارة، في أول زيارة رسمية له بعد تسلم منصبه منذ أشهر.

وكانت الخارجية التركية أعلنت يوم أمس، ان وزيرها فيدان سيجري زيارة رسمية لمدة يومين إلى العراق من الثلاثاء وحتى يوم الخميس، سيجري لقاءات رفيعة المستوى في بغداد وأربيل، بهدف زيادة التعاون الثنائي بين الطرفين.

وفي هذا الصدد كتبت صحيفة العرب اللندنية، ان وزير الخارجية التركي في بغداد وأربيل برداء رجل المخابرات، كونة كان يترأس جهاز الاستخبارات التركية لفترة طويلة قبل أن يشغل منصبه الجديد كوزير للخارجية في حكومة أردوغان الجديدة.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، يلاحظ متابعون للزيارة أن زيارة فيدان المنتظرة إلى أربيل تنطوي على بُعد مخابراتي؛ وكأنه لا يزال مشدودا إلى وظيفته السابقة كرئيس لجهاز المخابرات التركي، بينما يحاول أن يُضفي هذا البُعد على السياسة الخارجية التركية الجديدة.

وتساءل المتابعون: هل من الطبيعي أن يزور وزير خارجية بلد مجاور عاصمة إقليم في بلد جار؟ خصوصا وأن أساس مشكلة الأتراك مع الكرد هو رفض أي تلميح إلى موقف سيادي كردي مستقل سواء على أراضيهم أو في الدول المحيطة.

زيارة فيدان المنتظرة إلى أربيل تنطوي على بُعد مخابراتي؛ وكأنه لا يزال مشدوداً إلى وظيفته السابقة

ويعود سبب اهتمام فيدان بزيارة أربيل، في أول زيارة رسمية له إلى العراق بعد توليه منصبه، أساسا إلى أن أربيل تربطها بأنقرة علاقات مخابراتية وثيقة.

وهذه العلاقات هي التي سمحت لتركيا بأن تشن سلسلة لم تتوقف من عمليات الاغتيالات ضد النشطاء الكرد في تركيا وسوريا، وكذلك هجمات الطائرات المسيرة، التي امتدت إلى السليمانية أيضا الخاضعة لنفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وكانت سبباً من أسباب الشرخ الأمني والسياسي بين أنقرة وسلطة أربيل الخاضعة للحزب الديمقراطي الكردستاني.

وأقر مسؤولون حكوميون في بغداد ضمنيّا بأن شواغل فيدان المخابراتية ستكون جزءا من مباحثاته التي ستتضمن “ملف الأمن المتعلق بالحدود المشتركة وحزب العمال الكردستاني، على وجه التحديد، إلى جانب ملف المياه والتبادل التجاري بين البلدين”.

كما ذكر المسؤولون أن “استئناف تصدير النفط العراقي من حقول إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي سيكون المتصدر إلى جانب الملف الأمني بالمباحثات التي سيجريها وزير الخارجية التركي”.

وتتخذ أنقرة من فكرة وجود عناصرحزب العمال الكردستاني المعارض ذريعة لتوسيع تدخلاتها في العراق، وذلك على الرغم من أن مقاتلي الحزب ينشطون داخل الأراضي التركية أكثر بكثير مما يتسللون إلى الأراضي العراقية.

ومن المتوقع أن يستخدم أردوغان خبراته “البازارية” للمساومة بين تزويد العراق بكمية أكبر من مياه دجلة والفرات، وبين مطلبه الذي يقضي بأن تتخلى بغداد عن التعويضات البالغة 1.5 مليار دولار التي أقرتها المحكمة التجارية التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس لصالح العراق، بسبب قيام تركيا بتصدير نفط كردستان من دون موافقة بغداد، وبأسعار مخفضة كانت قائمة على ترتيبات أثارت شبهات فساد بين حكومة أربيل والسلطات التركية، بحيث يذهب الفارق إلى حسابات شخصية.

وكان النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي شاخوان عبدالله كشف مؤخراً أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اقترح خلال اجتماع تحالف إدارة الدولة “إبداء المرونة تجاه تركيا من أجل استئناف تصدير نفط إقليم كردستان فيما يخص مبلغ التعويض الذي فرضته محكمة باريس”، وأشار إلى أن الاجتماع “فوض رئيس الوزراء لحسم الملف من أجل استئناف تصدير نفط إقليم كردستان”.

وأضاف شاخوان “أن تصدير نفط الإقليم إلى تركيا توقف في 25 مارس الماضي، والمبلغ الذي خسرناه بسبب توقف تصدير النفط يعادل ضعف المبلغ الذي كنا نطالب بأن تدفعه تركيا لنا كتعويض، لذا يجب علينا أن نبدي المرونة في هذا الموضوع ونتفق مع تركيا بطريقة من الطرق”.

ويقول مراقبون إن هذا التبرير لا يتوافق مع حقيقة أن العراق قادر على تصدير نفطه عبر موانئ البصرة، وأنه حافظ على طاقته الإنتاجية كاملة خلال هذه المدة، الأمر الذي يغنيه عن خط ميناء جيهان حتى ولو بقي مغلقاً إلى الأبد.

إلا أن حكومة السوداني تراهن في الوقت نفسه على المضي قدما في مشروع “طريق التنمية” الذي يربط بين موانئ البصرة والموانئ التركية، لأن هناك الكثير من الشركات والشركات الفرعية التي تسعى للحصول على عقود لتنفيذ أجزاء من هذا المشروع الذي تقدر تكاليفه بنحو 25 مليار دولار.

ويهدف المشروع إلى إنشاء خط سكة حديد جديد بطول 500 كيلومتر يربط بين ميناء أم قصر في العراق وميناء مرسين في تركيا، فضلا عن بنى تحتية أخرى لطرق وأنظمة خدمات برية بين البلدين.

وكان السوداني أجرى في مارس الماضي زيارة رسمية إلى أنقرة على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها عدة ملفات أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.

وأسفرت الزيارة عن سماح تركيا بتدفق المزيد من مياه الفرات ودجلة “لمدة شهر واحد”، وهو ما اعتبره العراقيون نتيجة هزيلة لا تتوافق مع حجم المصالح التجارية التركية مع العراق. وتبلغ قيمة تجارة المواد الغذائية التركية وحدها مع العراق حوالي 8 مليارات دولار سنويًا. وكان من الممكن التهديد بقطعها، لصالح التجارة مع بلدان أخرى في الجوار مثل مصر والأردن والسعودية.

وكانت حصة العراق من مياه دجلة والفرات خلال السنوات الماضية تبلغ نحو 42 مليار متر مكعب سنويًا. إلا أنها ظلت تنخفض على امتداد عهود ما بعد غزو العراق لتصل إلى نحو الثلث هذا العام.

المصدر: صحيفة العرب