crossorigin="anonymous"> تأخير الانتخابات قد يقوض الحكم الذاتي الكردي في العراق – xeber24.net

تأخير الانتخابات قد يقوض الحكم الذاتي الكردي في العراق

مشاركة

بعد تأخيرات طويلة، تقرر أن يجري إقليم كردستان العراق انتخابات برلمانية في 25 فبراير/شباط من العام المقبل. ويهدد هذا الاستحقاق الذي تم تأجيله مرتين، بتعميق الانقسامات السياسية في الإقليم. ومن المرجح أن يلي يوم الانتخابات حالة من عدم اليقين بشأن تشكيل الحكومة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مخاطر التسبب بمزيد من التشرذم كما قد يزيد من تقليص الحكم الذاتي الكردي.

ويعود التأخير في التصويت إلى الخلافات بين الحزبين السياسيين الكرديين الحاكمين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني حول القانون الذي يحكم انتخابات الإقليم. وكان من المقرر أصلًا إجراء الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول 2022 ولكن تم إعادة جدولتها إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2023 قبل تأجيلها من جديد حتى أوائل العام المقبل. وقد اعتبر الاتحاد الوطني الكردستاني بأن النظام الحالي يمنح امتيازات للحزب الديمقراطي الكردستاني، بما في ذلك تخصيص مقاعد حصص الأقليات.

وتثير التوترات السياسية المستمرة مخاوف من تأجيل آخر. ومع انتهاء ولاية كل من حكومة إقليم كردستان وبرلمان الإقليم الكردي بحلول الوقت المقرر لإجراء الانتخابات المقبلة، فإن عدم وجود تفويض مستمد من الانتخابات يؤثر سلبًا على شرعية حكومة إقليم كردستان

مناورات ما بعد الانتخابات

ويشهد الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني حاليًا أكبر انقسام بينهما منذ عقود. ومن المرجح أن تؤدي الانتخابات المقبلة والمحادثات اللاحقة بشأن تشكيل الحكومة إلى تفاقم هذا الانقسام. ولإقليم كردستان العراق سجل سيئ في هذا الصدد. فبعد الانتخابات الأخيرة لبرلمان الإقليم في سبتمبر/أيلول 2018، لم يتم تشكيل الإدارة إلا بعد عشرة أشهر من المفاوضات. واستغرقت المحادثات المماثلة التي أعقبت انتخابات سبتمبر/أيلول 2013 تسعة أشهر.

ولعل مرد المشاكل يعود جزئيًا إلى اختلال توازن القوى. ففي عام 2018، فاز الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ 45 من أصل 111 مقعدًا في برلمان الإقليم، مقارنة بـ 21 مقعدًا للاتحاد الوطني الكردستاني. وحصلت حركة كوران (التغيير) وحراك الجيل الجديد المعارضة على 12 وثمانية مقاعد على التوالي، مع توزع باقي المقاعد على الأحزاب الأخرى والأقليات. ولا تعكس هذه الأرقام اتفاق تقاسم السلطة لعام 2007 بين الحزبين الحاكمين في كردستان العراق، والذي أدى إلى تقسيم المناصب في إدارة الإقليم بالتساوي. ومع حصوله على أكثر من ضعف مقاعد منافسه الرئيسي، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي من المرجح أن يحتفظ بأغلبيته في انتخابات فبراير/شباط لن يقبل الالتزام باتفاق عام 2007. ما ضعُف الاتحاد الوطني الكردستاني أكثر بسبب الانقسامات الداخلية في السنوات الأخيرة. ففي يوليو/تموز 2021، أطاح الزعيم الحالي بافل طالباني بِ لاهور طالباني من منصب الرئيس المشارك إلى جانب مسؤولين مؤيدين للاهور من الحزب والهيئات الأمنية التابعة له. ثم أعيد انتخاب بافل رئيسًا للحزب في مؤتمر عقد في سبتمبر/أيلول من هذا العام. ويخطط لاهور الآن لمشروع منفصل في الانتخابات.

وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تحصل الأحزاب المعارضة الكردية على أصوات المشاركين في الاحتجاجات، خاصة في ظل حالة عدم الرضا عن الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويمسك الحزب الذي يتخذ من أربيل مقرًا له، بأذرع السلطة الرئيسية في حكومة إقليم كردستان، بما في ذلك رئاسة وزراء ورئاسة الإقليم. ولذلك، سيتعين على الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يتطلع إلى ضم بعض الأحزاب الصغيرة إلى إدارة الإقليم المقبلة. وقد يؤدي هذا أيضًا إلى إضعاف نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني. ي الواقع، من المرجح أن يؤثر التناقض بين حظوظ حركة كوران وحركة الجيل الجديد على تشكيل الحكومة. ففي الانتخابات التشريعية الفدرالية العراقية الأخيرة في عام 2021، ضاعفت حركة الجيل الجديد تمثيلها البرلماني بأكثر من الضعف، بينما خسرت حركة التغيير جميع المقاعد الخمسة التي كانت تشغلها في بغداد. وعلى الرغم من ضعف انضباطها الحزبي الداخلي، قد تستفيد حركة الجيل الجديد من الخلافات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، وتراجع حركة كوران، ومن الفراغ الواضح في المعارضة في إقليم كردستان. وبالتالي، يمكن أن تشهد انتخابات فبراير/شباط 2024 صعود حركة الجيل الجديد لتصبح ثالث أكبر حزب في كردستان العراق وتحل محل حركة كوران.

إن السيناريو الذي يستبعد فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني الاتحاد الوطني الكردستاني من حكومة الإقليم هو أيضًا احتمال وارد، رغم أنه غير مرجح. ولكل حزب أجهزته الإدارية والأمنية الخاصة به. وبالتالي فإن أي حكومة يتم تأسيسها بدون أحدهما أو الآخر لن تكون قادرة على العمل في المنطقة الجغرافية التي يسيطر عليها الطرف المستبعد.

تعميق الانقسامات الكردية

حتى لو لم يتم تأجيل الانتخابات المقبلة مرة أخرى، من المرجح أن تكون محادثات تشكيل الحكومة مكثفة. وعلى الرغم من إمكانية تشكيل إدارة شاملة، فإن هذا لن يخفي حقيقة أن الأحزاب الكردية الحاكمة قد انزلقت مرة أخرى إلى دائرة الصراع.

ويتهم كل من الحزبين الآخر بالخيانة بعد فقدان السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط في أعقاب استفتاء الاستقلال الكردي عام 2017. كما يختلف الجانبان حول ميزانية إقليم كردستان والخدمات وصادرات الطاقة. وكما أفاد موقع أمواج.ميديا سابقًا فقد فشل الجانبان أيضًا في توحيد قواتهما الأمنية، المعروفة باسم البيشمركة. علاوة على ذلك، فإن المواقف المتناقضة للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بشأن العلاقات مع أنقرة وبغداد وطهران تمنع سياسة خارجية كردية موحدة، ما يزيد من المشاكل الداخلية. وتصاعد الخلاف ليصل إلى عراك بالأيدي في البرلمان الكردي، واغتيال مسؤولين أمنيين، ومقاطعة وزراء الاتحاد الوطني الكردستاني اجتماعات مجلس الوزراء الإقليم لمدة ستة أشهر. وقد يؤدي الخلاف حول تشكيل الحكومة في العام المقبل إلى تفاقم هذه الديناميات. إذا شعر الاتحاد الوطني الكردستاني بأنه تم تهميشه من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، فقد يعطل المفاوضات، وفي أسوأ السيناريوهات، قد يهدد حتى بالخروج من إدارة الإقليم الكردي. وإذا فشلت المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة، قد تكون هناك أيضًا دعوات لإجراء انتخابات جديدة.

ويأتي التنافس بين الأكراد في وقت تزيد فيه بغداد من ضغوطها الاقتصادية والسياسية. ويشكو المسؤولون الأكراد من أن العاصمة الاتحادية تتعامل مع إقليم كردستان كمحافظة. كما تعرضت حكومة إقليم كردستان لضغوط بسبب الحكم الذي أصدرته المحكمة الاتحادية العليا في فبراير/شباط 2022 والذي اعتبرت بموجبه مبيعات النفط الكردية المستقلة غير قانونية.

ويمكن القول إن الاتحاد الوطني الكردستاني قد سهّل هذه الديناميات. وسعيًا إلى تحقيق الاستقلال عن الهياكل التي يهيمن عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، يتعاون الاتحاد الوطني الكردستاني بشكل وثيق مع بغداد. إحدى النتائج الواضحة لذلك التهاون هي أن الموازنة الفدرالية التي تم إقرارها في يونيو/حزيران تمكّن المحافظات التابعة لإقليم كردستان العراق من طلب مخصصاتها بشكل مباشر من بغداد إذا كانت تعتقد أن حكومة إقليم كردستان لا تقدم حصة عادلة. وقد أيد الاتحاد الوطني الكردستاني هذا الحكم الذي قوبل بمعارضة شديدة من الحزب الديمقراطي الكردستاني. ومع تقويض الاستقلال المالي لحكومة إقليم كردستان أيضًا بسبب وقف تركيا نقل النفط من شمال العراق منذ مارس/آذار، دعا الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب الجيل الجديد وحزبان كرديان آخران مؤخرًا إلى إرسال رواتب الموظفين الحكوميين مباشرة من بغداد.

المسار المستقبلي

في الماضي، تمكن والدا كل من رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني، الذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني طالباني من التوصل إلى توافق في الآراء بعد سنوات من الصراع. ولكن الجيل الحالي من القادة يبدو بعيدًا عن هذا الاحتمال. إن إقليم كردستان اليوم أقرب إلى الانفصال الرسمي منه إلى توحيد إدارته المزدوجة، ولم يعد مسؤولو الاتحاد الوطني الكردستاني يترددون في إثارة هذا المحظور السابق.

من المرجح أن يشهد كردستان العراق واحدة من أصعب الانتخابات في تاريخه. وقد تعود مزاعم الاحتيال وممارسات العنف التي شوهدت في عام 2018 إلى الظهور مرة أخرى، ما يزيد من حدة التوترات.

لكن على الرغم من التحديات والخلافات العميقة، فإن ديناميات السياسة الواقعية الكردية عادة ما تجبر الحزبين الحاكمين على العمل معًا. ومن شأن الحكومة التي يقدم فيها الحزب الديمقراطي الكردستاني تنازلات وتكون لكل الأحزاب، بما في ذلك الاتحاد الوطني الكردستاني، حصة فيها، أن تقلل من مخاطر المزيد من الانقسام. ومن شأن السيناريو المعاكس أن يجر إقليم كردستان العراق إلى حالة من عدم اليقين السياسي.

المصدر: Draw