crossorigin="anonymous"> في حضرة الشهيد رستم جودي   – xeber24.net

في حضرة الشهيد رستم جودي  

مشاركة

 

بقلم: عبد السلام مصطفى

 

إن الحديث عن مناقب وخصال الشهداء ليس أمراً مرتبطاً برحيلهم وفراقهم لنا، لأن المناضلون الحقيقيون هم أولئك الذين يمضون في نضالهم حتى يتوجوا مسيرتهم بتاج الشهادة، ليعتلوا قمة المجد وإلى الأبد.

 

والمناضل العظيم رستم جودي كان أكثر من عرفتهم إيماناً بعظمة الشهادة وبقي يناضل في خدمة شعبه دون كلل حتى نال شرف الشهادة العظيم كما الآلاف من رفاقه ممن اختاروا طريق التحرر بإرادتهم الحرة وعزيمتهم الصلبة وهم أعلم الناس بثمن الحرية الباهظ، وهؤلاء هم الكرماء الفعليون الذين بأجسادهم وأرواحهم يشقون الطريق للشعوب لتمضي نحو مجدها وكرامتها.

 

عرفته قبل أكثر من ثلاثين عاما، في بدايات النضال التحرري الكردستاني، الذي بدأت بشرياته تتجلى في ثورة روج آڤا، ومنذ ذلك التاريخ ومنذ البدايات، بدا هفال رستم متميزا بشخصيته وحضوره الآسر، وثقافته ومهاراته في الاصغاء والتواصل والإقناع مع الناس الذين كانوا يشكلون غاية نضاله.

 

إن سهول روج افا وجبال كردستان تعرفه جيداً وتدرك عشقه لها ذلك اليافع المتحمس والمتزن في بداياته الذي كبر في ربوعها لتجعل منه مناضلا كبيرا ومنظراً يحلل ويستشرف آفاق المستقبل.

 

لقد عرفته صلبا حينما كانت العواصف تتحرك من كل الاتجاهات لتواجهها حركة حرية كردستان، تلك العواصف التي رجت البعض، وأقصت اخرين، وأفقدت البعض الاخر لبوصلة النضال بشكل تام، بينما بقي هفال رستم جودي في طليعة المناضلين الذين يستطيعون تخفيف آلام رفاقهم وشحن معنوياتهم وتقوية عزيمتهم.

 

وعندما كانت الحركة تتعرض لمؤامرة دولية قوية ومحكمة بإمكانها تقويض أسس دولة، كان هفال رستم جودي يناضل مع بقية القيادة بكل إصرار لحماية الحركة والحفاظ عليها كمكسب وإنجاز تاريخي لا يمكن التهاون في حمايته.

 

آخر لقاء جمعني به كان بصحبة رفاق من حزب الاتحاد الديمقراطي حيث كنّا عائدين بعد انتهاء عقد مؤتمر الحزب والتقينا مصادفة كعادة المناضلين الذين لا يمكن أن تجمعهم إلا دروب النضال دون مواعيد مسبقة، وكان حينها قد قرر مغادرة الجبل حينما تسنت له فرصة لمراجعة طبيب إثر وعكة صحية ألمت به.

 

فتح باب مسكنه كان مبتسما، تعانقنا، وبعد حديث قصير استفسرنا عن أحوال كل منا، طرح احد الرفاق سؤالا عن وضع الحركة في عموم كردستان، تحدث هفال رستم بشكل مسهب يفكك كل الخيوط بعناية، مستعرضا بدقة الأوضاع في كردستان وخاصة في شمال كردستان وكان ذلك بعد الحملة الواسعة للإبادة السياسية من جانب العدالة والتنمية وبعد إحباط حوار أوسلو بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية.

 

كعادته كان واثقا متفائلا واختتم حديثه متبسما، وقال يكفي هذا!.

ليس هناك أصعب من ان تتحدث عن شهيد، والأصعب ان تتحدث عن رفيق تعرفه عن قرب، وتدرك جيدا اي خسارة عظيمة حلت عندما استشهد ورحل.

 

أدرك الان، وأكثر من اي وقت مضى، كم كنّا نحتاج الى هذه الشخصية القيادية الاستثنائية في عموم كردستان، وفي روج آفا خصوصا.

 

افتقدك هفال رستم، واشتاق اليك كثيرا، وان كنت كفكر وروح ترافقنا وترافق رفيقاتك ورفاقك كل يوم، وهم يستمدون منك العزم والصلابة على مواجهة التحديات، ويتناقلون أحاديثك وأفكارك.

 

اشتقنا اليك واشتاقت اليك سهول وجبال كردستان، ويشتاق اليك كل من عرفك، وكل من شاهدك، او سمع حديثك.

 

غدا هو يوم رحيلك المفجع والكبير، ستتذكرك الأمة الكردية، وكل الشرفاء في كردستان والعالم.

 

اما نحن فسوف نذكر بعضنا البعض بما أوصيتنا، ولن نتراجع، وسنحمي راية القضية، رايتك، عالية خفاقة حتى لو كان الثمن ارواحنا.

لك المجد أيها الرفيق العزيز.