“تجربة ديمقراطية جديدة” ثورة 19 من تموز 23

مشاركة

 

آفرين علو ـ xeber24.net

عندما بدأ ربيع الشعوب في منطقة الشرق الأوسط عام 2010، ابتداء من تونس ومصر، كانت الأرضية في سوريا مهيأة لحراك بدأ بالفعل في عموم محافظاتها عام 2011، ولكن الشرارة التي انطلقت في كوباني وامتدت إلى عفرين وقامشلو وبقية المدن في 19 تموز عام 2012، كانت مختلفة في توجهاتها وأهدافها.

في منتصف آذار عام 2011، بدأ الحراك في سوريا خلال مظاهرات خرجت في المحافظات السورية مطالبة بـ “إسقاط النظام” دون وجود برنامج ورؤى واضحة لهذا الحراك.

وفي روج آفا كان الأمر مختلفاً، فقط بدأ الحراك مرتكزاً على أرضية ثورية وفلسفية شاملة تطالب بتغيير الذهنية بدلاً من إسقاط الأنظمة.

بوعي وتخطيط مدروس بعناية، لم يقع ثوار روج آفا في فخ الأزمة السورية، ولم يصبحوا طرفاً في النزاع الذي سرعان ما تحول إلى نزاع مُسلح أشبه بحربٍ أهلية دارت بين معارضي النظام السوري وثُلة من المرتزقة ضد عناصر من النظام وداعميه الإيرانيين والروس.

اختار الثوار لأنفسهم “النهج الثالث”، أنقذهم من التحول إلى بيادق بأيادي خارجية.

بفضل هذا النهج، جنّب أبناء روج آفا منطقتهم حرباً ضروساً كانت ستزيد الأزمة تعقيداً في سوريا.

وبينما كان الصراع يشتد على الأراضي السورية، عمل أبناء المنطقة على بناء مؤسساتهم السياسية والعسكرية والخدمية والاجتماعية، ليُنظموا الحياة في المنطقة ويحدثوا التغيير الذي خرجوا ثائرين من أجله.

يُعد العام 2004، التاريخ الذي بدأت فيه انتفاضة قامشلو ضد السلطات البعثية المنطلق الذي استندت إليه ثورة 19 تموز عام 2012.

وكان كانون الأول من عام 2014 نقطة تحول في تاريخ ثورة روج آفا والمنطقة ككل، حينها أعلن أبناء روج آفا عن إقامة إدارة ذاتية ديمقراطية قوامها 3 مقاطعات هي “الجزيرة، كوباني وعفرين”، اختارت كل منطقة هيكليتها الإدارية وفق أنظمة الإدارة المعتمدة في العالم (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وبُنيت في سياق هذه الإدارات، مؤسسات خدمية وثقافية وأمنية وتربوية وإدارية ومدنية واجتماعية.

تكفّلت هذه الإدارات بعد أن أبصرت النور بعملية إدارة المنطقة التي شهدت فيما بعد نهضة من كل الجوانب.

بعد هذا النصر، بدأ مشروع الإدارة الذاتية ينتشر وخرج من نطاق كوباني وعفرين والجزيرة ليصل إلى الرقة والطبقة ومنبج ودير الزور وحيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب. ليس ذلك وحسب، بل إن الثورة التي انطلقت من أمام مبنى في كوباني ألهمت أهالي محافظة السويداء في جنوب سوريا وخرجوا عدة مرات في مظاهرات وطالبوا بإدارة ذاتية مشابهة لشمال وشرق سوريا.