مجموع

سلطة دمشق تقصي المسيحيين عن التمثيل البلدي في دير عطية والكنيسة تقول كلمتها

مشاركة

كاجين أحمد ـ xeber24.net

تعتبر بلدة دير عطية في منطقة القلمون بريف دمشق، نموذجاً عن التعايش السلمي بين الديانات، ونسيج اجتماعي متماسك تتجاوز الاختلافات الدينية وتوطد الحياة التشاركية على أساس الانتماء الوطني.

قبل أيام قليلة أصدرت السلطات الإدارية التابعة لسلطة دمشق الانتقالية قراراً بوقف أعمال المجلس المؤقت الذي كان يدير بلدية دير عطية وتعيين أعضاء المكتب التنفيذي متعمدةً بإقصاء المكون المسيحي، والذي كان له تمثيل دائم في المجلس البلدي.

وبناءً على هذا القرار أصدر رعية الكنيسة في البلدة بياناً جاء فيه:

“إلى أبناء بلدتنا الأوفياء، إلى كل من يحمل في قلبه حب دير عطية وسوريا، إلى الرأي العام الوطني،
في قلب جبال القلمون السورية، حيث تتناقل الحجارة حكايات التاريخ وتشهد الأشجار على عمق المحبة، نشأت دير عطية لتكون مثالاً حيًا للوطن السوري الصغير، بلدة لم تعرف الطائفية، بل عرفت حسن الجوار والتكافل، حيث امتزجت القلوب قبل البيوت، وتوحدت الأصوات في صلاة واحدة من أجل سلام الوطن.
لقد مرت سوريا بسنوات قاسية من حرب ودمار وتشريد، وانكسرت خلالها قلوب كثيرة، لكن دير عطية بقيت صامدة، لا بقوة السلاح، بل بقوة وحدتها ومحبتها وتماسك أبنائها، الذين قالوا جميعًا: هذه أرضنا، وهؤلاء إخوتنا، وسوريا وطننا الجامع، فلم نفرّق بين مسيحي ومسلم، ولا بين مقيم ومغترب.
وانطلاقًا من هذا الإرث العريق، فإن ما جرى مؤخرًا من إقصاء للرعية عن التمثيل في المجلس البلدي لا يعد مجرد قرار إداري خاطئ، بل يشكل جرحًا عميقًا في نسيجنا الجماعي، وانقلابًا على المبادئ التي بنت عليها هويتنا الوطنية. فهل يُعقل أن يُبنى وطن من دون جميع أبنائه؟ وهل تُدار بلدة باسم «الجميع» فيما يُستبعد منها جزء أصيل من سكانها؟
إن هذا الإقصاء ليس مسألة شكلية، بل رسالة خطيرة، لأنه يحوّل مبدأ المواطنة إلى حسابات ضيقة، ويضعف ثقة الناس بالعدالة والمساواة. إننا لا نطالب بامتياز، بل نطالب بحق طبيعي ووطني في التمثيل والمشاركة في صنع القرار، كما كنا دائمًا شركاء في دفع أثمان آلام الوطن وبناء آماله، فالمواطنة لا تُقاس بالعدد، بل بالانتماء والعطاء، وباليد التي سكب على تراب سوريا من دون تمييز.

وبناءً عليه، نعلن ما يلي:

_رفضنا القاطع لأي قرار أو إجراء يقصي رعية الكنيسة من التمثيل البلدي، في سابقة لم تعرفها دير عطية في تاريخها الحديث.

_مطالبتنا بحوار وطني جامع في دير عطية يضم جميع المكونات، لاستعادة روح الشراكة وبناء مستقبل مشترك يقوم على العدالة والمساواة.

_تأكيدنا أن وحدتنا خط أحمر، وأن النسيج الاجتماعي الذي صنع بالتضامن والمحبة لا يمكن أن يُهدد بقرارات جزئية أو اعتبارات ضيقة.

_دعوتنا جميع أبناء دير عطية، في الداخل والخارج، للوقوف معًا، ليس دفاعًا عن فئة بعينها، بل دفاعًا عن قيمة الوطن ذاته، وعن مبدأ أن لا وطن دون جميع أبنائه.

إن دير عطية، كما عهدناها، ليست أرضًا للانقسام، بل مهدًا للوحدة ورمزًا للانتماء الصادق، وإذا فقدنا هذا المعنى، ففقدنا جوهر وجودنا. لذلك، يأتي بياننا هذا صوتًا صادقًا من قلب بلدتنا، لا شكوى، بل للتذكير بأن سوريا لا تُبنى إلا بالجميع، وأن دير عطية لا تُدار إلا بجميع أبنائها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى