آفرين علو ـ xeber24.net
تقع بلدتا تل حاصل وتل عران في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة حلب، وتتميزان بتركيبة سكانية مختلطة، كانت الغالبية الكردية فيها قبل عام 2013 تسكن إلى جانب مجموعات من العرب وبعض التركمان. ومع اشتداد الصراع السوري، تحولت البلدتان إلى نقاط تماس استراتيجية بين عدة أطراف متصارعة.
منذ عدة سنوات، تخضع البلدتان لسيطرة مجموعات مسلحة مرتبطة بسلطة دمشق، التي تُعتبر الجناح السياسي لبعض فصائل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.
يعاني السكان الكرد في تل حاصل وتل عران من غموض سياسي وأمني، مع غياب أي تمثيل فعلي لهم في المجالس المحلية، واستبعادهم من الوظائف الإدارية والخدمية. وتشير شهادات من مصادر محلية إلى أن بعض العائلات الكردية تعرّضت لانتهاكات متعددة، شملت التهجير القسري، والمضايقات الأمنية، والاستيلاء على ممتلكاتهم.
ووفقا لشهادات محلية تمارس هذه الجماعات استهدافًا ممنهجا ضد السكان الكرد، يتجلى في التضييق اليومي، ومنع مظاهر الهوية الكردية مثل الأغاني والزي الشعبي، وسط صمت إعلامي لافت.
ويؤكد سكان البلدتين أن عمليات التهجير والضغط النفسي تنفذ بطريقة غير معلنة وصامتة، عبر إجراءات قسرية تدفع بالعائلات الكردية إلى مغادرة منازلها.
ويرجح أن هذه الممارسات تأتي في إطار سياسة تغيير ديمغرافي مستمرة منذ عام ألفين واثني عشر ، عقب انسحاب نظام البعث من المنطقة، وبلغت ذروتها بمجزرة عام ألفين وثلاثة عشر ، التي أسفرت عن سقوط ضحايا من الكرد.
ورغم أن البلدتين تقعان ضمن الجغرافيا السورية، إلا أن الجهات المسيطرة تمنع أي نشاط يُعبر عن الهوية الكردية، وتحظر العمل الثقافي، في محاولة لصهر الهوية وفرض تبعية سياسية موحّدة.
لا توجد حتى الآن أي بعثات رقابية مستقلة أو منظمات دولية تتابع الوضع بشكل مباشر في هذه البلدات، ما يفتح الباب واسعاً أمام التجاوزات دون محاسبة، ويجعل توثيق الانتهاكات صعبًا، خاصة مع التضييق المفروض على الإعلام المستقل.
يطالب ناشطون كرد ومنظمات حقوقية بضرورة فتح تحقيق مستقل في أوضاع تل حاصل وتل عران، وضمان عودة الأهالي الكرد المهجّرين، ومحاسبة الجهات المتورطة في أي عمليات تهجير أو مصادرة ممتلكات، مع التأكيد على أهمية حماية النسيج الاجتماعي للمنطقة من التشرذم والانقسام.
ما يحدث في تل حاصل وتل عران هو انعكاس لواقع معقد تعيشه مناطق واسعة في سوريا، حيث تتداخل الولاءات السياسية بالمصالح العسكرية، ويدفع المدنيون ثمنًا باهظًا لهذا التداخل. وحتى تنجلي الصورة، تبقى معاناة السكان الكرد في هذه البلدات إحدى القضايا المسكوت عنها، والتي تحتاج إلى تسليط الضوء المحلي والدولي لضمان حقوق الجميع ضمن سوريا موحدة وآمنة.