سيماف خليل ـ xeber24.net
في خضم الأوضاع الراهنة في سوريا، يواجه طلاب الجزيرة السورية تحديات عديدة في سبيل الحصول على شهادة التعليم الأساسي، التي تعدّ بوابة نحو استكمال التعليم الثانوي والجامعي. تتداخل العوامل الأمنية والإدارية والاقتصادية لتجعل من هذه المهمة عبئاً ثقيلاً على الطلاب وأسرهم.
مشكلة الاعتراف بالشهادة
يعتبر الاعتراف بشهادة التعليم الأساسي قضية جوهرية بالنسبة لطلاب الجزيرة السورية. في ظل تباين السيطرة بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية في الجزيرة، يبقى التساؤل قائماً حول مدى الاعتراف بالشهادة الصادرة من مناطق الإدارة الذاتية. يخشى الطلاب وأسرهم من عدم قبول هذه الشهادات في الجامعات أو المؤسسات الحكومية، مما يعرّض مستقبلهم الأكاديمي للخطر.
اجتماعات متكررة بلا نتيجة
خلال الفترة الماضية، عقدت الإدارة الذاتية عدة اجتماعات مع حكومة دمشق، حيث تم التوصل إلى اتفاق يقضي بإجراء الامتحانات في مناطق الإدارة الذاتية بإشراف منظمة اليونيسف. لكن، ورغم الاتفاق المبدئي، ماطلت دمشق في الإعلان الرسمي عنه، مما زاد من حالة الغموض وعدم اليقين لدى الطلاب وأسرهم.
وفي بيان صادر عن الإدارة الذاتية، جاء فيه:
“إن الإدارة الذاتية قامت بجهود كبيرة عبر الاجتماعات المتكررة مع حكومة دمشق للتوصل إلى اتفاق يضمن إجراء امتحانات التعليم الأساسي ضمن مناطق الإدارة الذاتية، وبإشراف من منظمة اليونيسف. إلا أن الحكومة في دمشق لم تعلن حتى الآن عن هذا الاتفاق بشكل رسمي، مما يضع الطلاب وأولياء الأمور في حالة من القلق الشديد.”
معضلة أماكن تقديم الامتحانات
تقع الخيارات المتاحة أمام الطلاب بين تقديم الامتحانات في مناطق الجزيرة نفسها أو الانتقال إلى مناطق سيطرة حكومة دمشق مثل دمشق أو دير الزور. كلا الخيارين يحملان صعوبات جمّة
في الجزيرة: على الرغم من كونها المكان الأقرب للطلاب، إلا أن الشكوك تدور حول ما إذا كانت وزارة التعليم في الحكومة الانتقالية ستعترف بالشهادات الممنوحة.
في دمشق أو دير الزور: تعد هذه الوجهات الأكثر أماناً من ناحية الاعتراف بالشهادات، إلا أن الوصول إليها يحمل مخاطر جمّة، خاصة في ظل تردي الأوضاع الأمنية على الطرقات.
تقول الطالبة ندى علي (اسم مستعار):
“أريد أن أكمل تعليمي، لكنني خائفة. لا أعرف إن كانت شهادتي ستُعترف بها إن قدمت في الجزيرة، وإن قررت الذهاب إلى دمشق، فكيف سأصل بأمان؟”
مخاطر الطريق والخوف على الفتيات
تزداد الأمور تعقيداً عند الحديث عن سفر الفتيات لأداء الامتحانات. فحادثة اختطاف ميرا ثابات (التي خطفت من معهد إعداد المدرسين) تلقي بظلالها على نفوس الأهالي، مما يثير مخاوف متزايدة بشأن سلامة بناتهم. تنتشر قصص عن عمليات اختطاف واستغلال على الطرق، مما يجعل الأسر تتردد في اتخاذ قرار إرسال بناتهم إلى مناطق بعيدة.
يقول أبو أحمد (لم يكشف عن هويته الحقيقة) ، وهو والد إحدى الطالبات:
“أخاف على ابنتي من الطريق الطويل والخطر، ولا أملك المال لتغطية تكاليف السفر. ماذا أفعل؟ مستقبلها بين يدي، ولكني عاجز عن اتخاذ القرار.”
التكاليف المالية والمعيشية
يعد الجانب المالي تحدياً آخر يواجه الطلاب وأسرهم. تتطلب رحلة الامتحان تكاليف كبيرة تشمل المواصلات، الإقامة والطعام. ولا تقتصر المعاناة على المصروفات فقط، بل تمتد لتشمل تأمين مكان آمن للمبيت ورعاية مناسبة خلال فترة الامتحان، خاصة في ظل غياب الدعم المؤسسي.
في ظل هذه المعاناة المركبة، تبقى الحاجة ملحة لتدخل حكومي أو أممي يضمن حقوق الطلاب في التعليم ضمن بيئة آمنة ومستقرة. يتطلع الطلاب والأهالي إلى حلول واقعية تحفظ سلامتهم وتعزز ثقتهم بأن مستقبلهم الأكاديمي لن يضيع في خضم الصراعات.
ويبقى السؤال هل ستكترث حكومة دمشق لمطالب آلاف الطلاب في الجزيرة السورية ام ستبقي مستقبلهم مرهون بسياساتها المزدوجة؟