ولات خليل -xeber24.net – وكالات
تبدو ملامح النفوذ التركي داخل سوريا آخذةً في الاتساع، وسط ما يصفه مراقبون بأنه تراجع واضح لاستقلالية القرار السوري لصالح أنقرة، التي باتت تتعامل مع الأراضي السورية بوصفها امتداداً لمجالها الأمني والعسكري.
فقد كشفت المصادر، عن نية تركيا إنشاء قواعد عسكرية جديدة داخل سوريا، بالتنسيق المباشر مع سلطة دمشق، في خطوةٍ تؤكد بحسب متابعين تعمّق الارتهان السياسي والعسكري لأنقرة، واستمرار مشروعها الرامي إلى ترسيخ نفوذها الدائم في الداخل السوري.
ووفق المعلومات، تجري الوفود العسكرية التركية زيارات دورية إلى دمشق، تصل إلى حدّ اللقاءات الأسبوعية، حيث تعقد اجتماعات في مقري وزارة الدفاع وهيئة التدريب بسلطة دمشق، لبحث آليات إنشاء بنى تدريبية جديدة، وإعادة هيكلة وحدات من الجيش السوري بما يتماشى مع “الرؤية التركية للأمن الإقليمي”.
مصادر عسكرية مطّلعة أوضحت أن أنقرة عيّنت ملحقاً عسكرياً في دمشق يتولى التنسيق اليومي بين القيادات التركية والجهات السورية التابعة لسلطة دمشق، كما يرفع تقارير مفصلة عن الأوضاع الميدانية والأنشطة العسكرية في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد.
وتُعد القاعدة التركية في مطار كويرس العسكري، شرقي حلب، بحسب التقرير، نقطة ارتكازٍ رئيسية ضمن خطة التوسّع الجديدة، إذ تسعى أنقرة إلى إنشاء قواعد مماثلة في مطار الشعيرات والقريتين وتدمر والسخنة، إضافةً إلى مواقع مراقبة في منطقة قطنا جنوب دمشق، ما يشير إلى محاولةٍ لبناء طوقٍ استراتيجي يتيح لأنقرة مراقبة التحركات العسكرية والسياسية في عمق الأراضي السورية.
ويرى خبراء سياسيون أن هذه التحركات تأتي في إطار استراتيجية تركية أوسع تهدف إلى تثبيت النفوذ طويل الأمد في سوريا، تحت عناوين “التنسيق الأمني” و”التدريب المشترك”، مؤكدين أن هذه السياسات تسعى في جوهرها إلى فرض واقع ميداني جديد يسمح لأنقرة بالتحكم في مسارات أي تسوية سياسية مستقبلية تخصّ الملف السوري.
من جهة أخرى، يلفت مراقبون إلى أن التحركات التركية لا تتم بمعزل عن تفاهمات دولية، إذ تحتاج إلى توافق ضمني مع الولايات المتحدة وروسيا، وهما الطرفان الأبرز في الملف السوري. فبينما تغضّ واشنطن الطرف عن بعض الأنشطة التركية بحجة “مكافحة الإرهاب”، تسعى موسكو إلى موازنة هذا النفوذ عبر تعزيز حضورها العسكري في الساحل والبادية.
ويرى مراقبون أن خطورة المشهد لا تكمن فقط في الوجود التركي العسكري، بل في التحول السياسي الموازي الذي يشهده أداء الحكومة الانتقالية، والتي باتت تتماهى إلى حدّ كبير مع التوجهات التركية، ما يضعف من قدرتها على اتخاذ قراراتٍ مستقلة، ويثير تساؤلاتٍ جدّية حول مستقبل السيادة الوطنية السورية في ظل هذا الواقع.
وبينما لم تُصدر سلطة دمشق أي توضيحٍ رسمي بشأن ما ورد في التقارير، تبقى المؤشرات على الأرض، وفق المتابعين، دليلاً على أن أنقرة تسير بخطى ثابتة لترسيخ وجودها العسكري والأمني في سوريا، مستفيدةً من حالة الانقسام الداخلي والتعقيدات الإقليمية التي لا تزال تعرقل أي حلٍّ سياسي شامل للأزمة السورية.
				



