مجموع

من قائد فصيل إلى وكيل حرب : الشرع يستدعي الجيش التركي ضد السوريين

مشاركة

في تصريح لافت وخارج عن المألوف في العرف الوطني، أدلى أحمد الشرع -رئيس الفترة الأنتقالية بسوريا لصحيفة تركية- بتصريحٍ حول “اتفاق العاشر من آذار” المبرم بين قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي ، والحكومة السورية المؤقتة برئاسة أحمد الشرع وفي معرض كلامه لم يتردد الشرع في التهديد باستخدام الجيش التركي ضد قوات سوريا الديمقراطية، إذا لم يستجيبوا لمطالبه.

هذا الموقف لا يعد مجرد تصريح عابر، بل يعبّر عن سابقة خطيرة: أن يهدد رئيس مؤقت لدولة أبناء بلده باستخدام جيش دولة أجنبية، بدلًا من الاحتكام للحوار السوري – السوري أو البحث عن حلول وطنية داخلية.

إن خطورة ما قاله الجولاني تكمن في مستويين: المستوى الوطني و المستوى السياسي – الأخلاقي. التهديد يكشف سقوط أي ادعاء بأن االشرع يمثل “مشروعًا سوريًا” مستقلًا.

فحين يصبح اللجوء إلى قوة أجنبية – مهما كانت – وسيلة للضغط على مكوّن سوري آخر، فإننا أمام انزلاق نحو الارتهان الكامل، وتحويل الخلافات الوطنية إلى حروب بالوكالة ، ولم يسبق في التاريخ الحديث لسوريا أن خرج رئيس ليعلن تهديد شعبه عبر جيشٍ لدولة أخرى.

حتى القوى الأكثر ارتهانًا لطرف خارجي كانت حريصة على تغليف علاقاتها بشعارات وطنية.

أمّا الشرع فقد تجاوز كل الخطوط حين أعلن صراحة أنّ “العصى التركية” هو سلاحه في مواجهة الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية.

هذا التهديد قد يفتح الباب أمام تدخل تركي أوسع، تحت ذريعة “الاستجابة لمخاوف الحكومة السورية المؤقتة ”.

كما أنه يكرّس حالة الانقسام السوري، حيث يلجأ كل طرف إلى حليف خارجي بدل البحث عن حلول داخلية، والأخطر أنه قد يضعف أي إمكانية لبناء جبهة وطنية غير جهادية تستطيع مواجهة التحديات المشتركة.

التصريح يذكّرنا بحقيقة مؤلمة: أن بعض القوى التي ترفع شعار السيادة السورية قد تحوّلت في الواقع إلى أدوات بيد الخارج.

والتهديد الذي وجهه ليس موجّهًا ضد قوات سوريا الديمقراطية فحسب، بل ضد فكرة السيادة السورية برمّتها.

إنها سابقة أن يهدد أبناء شعبه بجيش دولة أخرى، لكن الأخطر أن يمرّ ذلك بصمتٍ ، وكأن الأمر بات عاديًا في مشهد سوري تمزّقه التدخلات .من عادة الحكّام أن يلوّحوا بجيوشهم لحماية الوطن، أو على الأقل لحماية كراسيهم.

لكننا مع االشرع أمام ابتكار جديد: رئيس يهدد أبناء بلده بجيش دولة أخرى! ففي حديثه لم يجد الرجل حرجًا في القول إن تركيا ستعلن الحرب على قوات سوريا الديمقراطية إن لم تلبِّ مطالبه.

أي أن الرئيس بات “الوسيط الرسمي” بين السوريين والجيش التركي، يُفاوض بلسانهم ويهددهم بجيش الجيران.

إنه مشهد أقرب إلى الكوميديا السوداء: قائد يدّعي حمل راية الوطن ، لكنه حين يغضب، لا يرفع صوته إلا ليستدعي الأتراك.

وكأن الوطن مجرد “عقار متنازع عليه”، يحتاج صاحب النفوذ في الحي ليحسم النزاع! قد يُسجَّل هذا التصريح في كتب التاريخ لا كخطاب سياسي، بل كـ”نكتة وطنية” سوداء: لأول مرة يهدد رئيس شعبه بجيش أجنبي، ويعتبر ذلك شرفًا وورقة قوة.

لكن في واقع الأمر، ما كشفه الشرع ليس نكتة، بل حقيقة مرة: أن بعض من يرفعون راية السيادة صاروا أداةً في يد الخارج، وأن التهديد لا يوجَّه للخصوم وحدهم، بل للسيادة السورية نفسهاما قاله الشرع يجب أن يكون جرس إنذار لكل السوريين، عربًا وكردًا ودروزًا وعلويين ومسيحيين، ولكل من يرفض تحويل الوطن إلى ورقة بيد الخارج.

الرد الحقيقي على هذا التهديد ليس بالانقسام ولا بالتخوين، بل بتوحيد صف وطني مدني مقاوم، يرفض أي ارتهان لأية قوة أجنبية، ويؤكد أن الخلافات بين السوريين تُحل بالحوار، لا بالدبابات التركية ولا بتهديدات الوكلاء.

فإن كان االشرع قد اختار أن يكون أداة بيد أنقرة، فعلى السوريين أن يختاروا أن يكونوا أصحاب وطن حر، لا أسرى في لعبة جيوش الآخرين. بيروت في 21/9/2025 عبدالسلام أحمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى