كاجين أحمد ـ xeber24.net
في أحدث تصريح بشأن هجمات بلاده العسكرية على المناطق الكردية في سوريا والعراق، قال أردوغان: ” سننجز قريباً جداً إغلاق منطقة العمليات في شمال العراق، سنستكمل النقاط العالقة في الحزام الأمني على طول حدودنا الجنوبية في سوريا”.
رغم أن العديد من وسائل الإعلام تناولت تصريحات أردوغان هذه على أنها إشارة إلى انتهاء وشيك لعمليات بلاده العسكرية في سوريا والعراق، فيرى مراقبون بأنها رسالة مزدوجة إلى كل من بغداد ودمشق.
هل حقق أردوغان أهدافه المزعومة؟
منذ تكثيف هجماته على أراضي إقليم كردستان وإرسال مئات المدرعات وآلاف الجنود إلى محافظتي دهوك وأربيل/هولير، زعم أردوغان عشرات المرات في تصريحاته بأن عملياته العسكرية لن تتوقف حتى القضاء على آخر مقاتل لحزب العمال الكردستاني.
ميدانيا، فشل الجيش التركي بالتقدم شبراً واحداً ضمن معاقل مقاتلي حزب العمال الكردستاني، إلا أنه أنشأ العشرات من القواعد العسكرية الجديدة ضمن أراضي إقليم كردستان، ونصب حواجز أمنية بين قراها وأقضيتها، وتوغل أكثر ضمن الحدود العراقية.
هذا الفشل العسكري سبقه فشل آخر دبلوماسي، عندما رفض بغداد مطالب أردوغان بإدراج حزب العمال الكردستاني على قوائم الإرهاب، والتعاون العسكري معه في محاربته.
فماذا يقصد أردوغان من وراء ذلك؟
رغم رأي المراقبين السياسيين والعسكريين الذين أكدوا على أن الضغوطات الخارجية والداخلية إلى جانب التكلفة الاقتصادية لحرب تركيا في سوريا والعراق هي من أجبرت أردوغان على الإعلان عن قرب انتهاء عملياته العسكرية، فإن الخبير العسكري والقيادي في قوات سوريا الديمقراطية، محمود حبيب له وجهة نظر مغايرة.
حبيب يرى أن تصريحات أردوغان ما هي إلا فقاعة إعلامية ولغايات دبلوماسية، وفي تصريح لـ “خبر24” قال: “من خلال متابعة السياسة التركية التي يديرها حزب العدالة برئاسة اردوغان نجد أنها سياسة متقلبة بلا ثوابت أو مرتكزات و لهذا فإن التضليل و سرد الاكاذيب هي السمة السائدة فتركيا مستمرة في التوغل و ارتكاب الجرائم في شمال العراق، أما في شرق الفرات فهي عاجزة عن القيام بعمل مماثل لما تقوم به في العراق وهذه التهديدات التركية مستمرة منذ 2020 حتى الأن مع العلم بأن هذه المنطقة لم تشكل أي تهديد للأمن القومي التركي “المزعوم” و لكن تركيا مستمرة بسرد الاكاذيب لأسباب دعائية و لأنها تعلم أن الحرب هذه المرة لن تكون كسابقاتها و تركيا غير مستعدة لتحمل الخسائر الكبيرة التي ستلحق بها إذا عاودت المقامرة من جديد”.
وعن موقف الأسد تجاه دعوة أردوغان، أوضح الخبير العسكري، أن الاسد غير متحمس كثيرا للجلوس على طاولة الحوار، و مع أن تركيا عاجزة أحيانا أو لا ترغب بتلبية مطالبه احيانا اخرى و لكنها تستغل الظروف المتاحة و منها رغبة روسيا بتحقيق هذ المصالحة للخروج بتسوية ترضي اطراف استانا و تجنب دمشق مخاطر تفغيل القرار 2254.
المعارضة بين سندان الأسد ومطرقة أردوغان
وعلى العادة الجارية، فإن اية حوار بشأن سوريا وكان أطرافه تركيا وروسيا، هي عبارة عن مساومة لا يمكن تسميتها باتفاق أو معاهدة رسمية، بل صفقة قائمة على أساس المصالح الخاصة، ولا بد أن يكون هناك حطب نار وكبش فداء.
المنطقة الشمالية الغربية من سوريا والخاضعة للاحتلال التركي تنقسم بين فصيلين يدعيان معارضتهما للنظام السوري، وهما “الحكومة السورية المؤقتة” التابعة للائتلاف السوري في ريف حلب، و “حكومة الإنقاذ التابعة لجبهة النصرة في إلب وريفها، فأيهما حطب النار وأيهما كبش الفداء.
في هذا الخصوص، قال حبيب: “من المرجح ان تكون إدلب و شعبها و المهجرين اليها كبش فداء لأنها ارض مفتوحة بلا اية قدرات لمواجهة اي توغل عسكري يقوم به النظام و خصوصا اذا تلقى الضوء الأخضر من تركيا اما جبهة النصرة فهي منظمة عميلة لم تتلقى مقراتها او ارتالها او قادتها اية ضربات من الطيران الروسي او قوات النظام منذ 2016 حتى الان و هي التي سهلت عودة قوات النظام للسيطرة على مناطق واسعة من ارياف حماة و حلب و ادلب”.
وأضاف، “قد يكون بعض عناصرها ثمنا لتلك الصفقة ان حدثت و لكن قادتها و تجار الحروب المنتسبين اليها فإما ان يتصالحوا مع النظام او سيتم ابعادهم عن المشهد ليتابعوا نشاطهم في اماكن اخرى باشراف تركيا و هنا علينا ان نحذر من مخاطر كبيرة قد يتعرض له ملايين السوريين في تلك المنطقة في ظل الانشغال الدولي و الاقليمي بقضايا اكثر اهمية بالنسبة لهم”.
وبالنسبة للائتلاف السوري وفصائلها المسلحة، أشار القيادي العسكري في “قسد” إلى، أن الائتلاف المعارض تحول الى مؤسسة تابعة للحكومة التركية بشكل كامل و عليه تنفيذ ما يطلب منه غصباً، لانه باع قراره و اسلم زمامه لتركيا منذ وقت بعيد و لم يعد لديه القدرة على رفض الاملاءات التركية المذلة، وعن مسلحي الفصائل لفت حبيب قائلاً أنه ليس لديهم سوى خيارين احلاهما مر فإما اجراء مصالحة مع النظام ليواجهوا مصيرا شبيه لما جرى في درعا و اما مواجهة قوات النظام من دون دعم تركي بل على العكس فقد تساعد تركيا في القضاء عليهم كما جرى مع الالاف قبلهم حين و عدتهم تركيا بالدعم على مدى سنوات ثم تخلت عنهم ليتم القضاء عليهم.
أهداف أردوغان من المقاربة مع الأسد
أردوغان الذي كان يصدح بأعلى صوته على مدار عشر سنوات، بأنه سيعمل على إسقاط نظام الأسد “الإرهابي” وسيصلي في الجامع الأموي، بات الآن يتغنى بمحاسن الأسد ويستذكر أيامه الجميلة التي قضاه معه في الزيارات العائلية، بل وصل به الحد إلى التوسل للقاء به.
يقول حبيب، أن هذا التغيير في موقف أردوغان رغم السمة السائدة في سياساته هي التقلب وعدم الثبات، بأنه يسعى إلى تحقيق أهداف عدة منها الثلاثة الرئيسية التالية:
١.سحب ورقة المصالحة مع دمشق من المعارضة التركية و قطع الطريق عليها و بذلك يتوقع أردوغان ان يتحسن موقفه الانتخابي الداخلي بعد الهزيمة الاخيرة في الانتخابات البلديه و تحسين نتائج استطلاعات الراي التي تهدد حزب أردوغان بخسائر اكبر في اي انتخابات قادمة.
٢.بالتوازي مع ذلك يأمل أردوغان بدفع الاقتصاد التركي المتعثر من زيادة نسب التضخم و انهيار قيمة العملة و الفساد الاداري لذلك يسعى للوصول الى تفاهمات سريعة تفضي الى فتح الطريق الدولي M5 الذي يمر في سورية و ينقل البضائع التركية و كذلك البضائع الاوربية الى اسواق الخليج و شمال افريقيا عبر الاردن و بذلك يستفيد تصدير بضائعه و من رسوم العبور و هذا الامر يوفر آلاف فرص العمل و يدر الكثير من القطع الاجنبي و هذا يخفف بعضا من الضغوط الاقتصادية و كذلك يصب في تحسين صورته الداخلية.
٣. الامر الاهم لاردوغان هو محاولة اقناع النظام بالدخول في شراكة عسكرية من ثلاثة أطراف هي قوات النظام والجيش الوطني و جيش الاحتلال التركي ضد قوات سورية الديمقراطية حيث يعلن أردوغان في كل المناسبات و التصريحات عن رغبته تلك و هو مستعد لتقديم كل التنازلات مقابل الحصول على هذا المطلب.
وأشار إلى، أن هذه الاوهام والأحلام الاردوغانية تصطدم بموقف دولي رافض و خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية و قوات التحالف و تصطدم ايضا بصلابة و قوة قسد التي تمتلك الكثير من وسائل الرد على اي جهة تحاول الاعتداء عليها و اعتقد ان مثل هذه المواجهة ان حدثت فستعرض امن المنطقة و الشرق الاوسط لمخاطر عالية لا يمكن توقعها او السيطرة عليها.
وفي نهاية الحديث، أكد القيادي في قوات سوريا الديمقراطية محمود حبيب، ان الدعاية الاعلامية و التوقعات من اجراء تلك المصالحة إن حدثت اكبر من قدرتها على تغيير الواقع الحالي و اكبر بكثير من قدرة الطرفين على تنفيذ بنودها التعجيزية التي يطلبها كل طرف من الطرف الآخر.