ولات خليل – xeber24.net- وكالات
حذرت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير مفصل بعنوان “أي مصالحة؟ أي غفران؟: حسابات سوريا القاتلة” من أن سوريا تواجه منعطفًا حاسمًا بعد سقوط النظام، فإما أن تتمكن من إقامة دولة تقوم على العدالة والمساءلة، أو تنحدر مرة أخرى نحو دولة يسودها الانتقام والعنف، مما قد يعرض مستقبلها السياسي والاجتماعي للخطر.وبحسب التقرير فإن السلطة الانتقالية أخفقت في طمأنة شرائح واسعة من السوريين, بعد أن تبنت خطاباً يغلب عليه الطابع السني, والأمر الذي عمّق مخاوف الأقليات في الإقصاء والتهميش وزاد من هشاشة الثقة بين المكونات.ويرى مراقبون أن هذا النهج يهدد بإعادة إنتاج الانقسام الطائفي بدل تجاوزه.وأشار التقرير إلى أن خطابات رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع عن ” العفو الشامل” بدت بعيدة عن الواقع, في ظل غياب أي خطوات ملموسة لكشف مصير المفقودين أو محاسبة المتورطين بالانتهاكات الحاصلة في الساحل والسويداء.ويشير المحللون إلى أن إهمال ملف العدالة الانتقالية يترك خيارًا وحيدًا أمام الضحايا وأسرهم، وهو الانتقام، الذي يُعتبر ردَّ فعل طبيعي نتيجة لغياب المحاسبة.ونشرت الصحيفة في تقريرها شهادات متباينة من داخل المجتمع السوري، حيث عبّر بعض الناجين من المجازر عن استحالة التسامح، في حين أصر آخرون على رفض الانتقام، لكنهم جميعًا يشتركون في غياب الثقة بقدرة الحكومة الانتقالية على حماية حقوقهم أو ضمان مستقبل مختلف.أكد التقرير أن المصالحة في سوريا ما تزال أقرب إلى كونها “شعارًا سياسيًا” بدلاً من أن تكون عملية واقعية، وذلك بسبب غياب الإرادة السياسية اللازمة لوضع أسس العدالة الانتقالية. ويحذر التقرير من أن استمرار هذا النهج قد يدفع البلاد نحو مرحلة جديدة من العنف والانقسامات، بدلًا من تمهيد الطريق لمرحلة سلام حقيقية.ويشير محللون إلى أن فشل السلطة الانتقالية في التعامل مع ملف العدالة الانتقالية مرتبط بشكل وثيق بإخفاقها في إدارة الأوضاع المعيشية، حيث لم تنجح في معالجة الانهيار الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، وانقطاع الخدمات الأساسية، كما لم تقدّم رؤية جادة للعدالة والمصالحة.هذا التراكم من الإخفاقات يزيد من شعور السوريين بالخذلان ويضعف ثقتهم بالسلطة المؤقتة في قيادة مرحلة التحول.ووفق قراءة صحيفة الغارديان، فإن استمرار هذه السياسة قد يترك البلاد عالقة بين غياب العدالة واستمرار الأزمات اليومية، مما يمهد الطريق لمزيد من الانقسامات والعنف.