ولات خليل – xeber24.net- وكالات
مرت اشهرة عدة على مجازر الساحل والتي أودت بحياة ما لا يقل عن 1700 مدني من أبناء الطائفة العلوية لم تُسفر عمل لجنة تقصي الحقائق التي اعلنت عنها دمشق عن أي نتائج ملموسة حتى الآن، ما يثير تساؤلات جدية حول مصداقيتها واستقلاليتها.
ورغم تراجع نسبي في وتيرة العنف في الساحل، إلا أن الانتهاكات لا تزال مستمرة وسط غياب أي ردع فعلي أو إجراءات قضائية جدية، ما عمّق مشاعر الإحباط لدى ذوي الضحايا وقلّص الثقة بالمؤسسات الرسمية.
وساهمت سياسة الحكومة الجديدة في التغاضي عن تنفيذ القانون السوري في تعميق الانقسامات المجتمعية، وخلق بيئة من الحصانة للانتهاكات ذات الطابع الطائفي، ولا سيما تلك التي وقعت في الساحل، والتي جاءت كردّ انتقامي على هجمات إرهابية استهدفت حواجز للأمن العام ومقرات وزارة الدفاع.
وخلال الفترة الممتدة من إعلان تشكيل اللجنة وحتى منتصف حزيران/يونيو، وثّق المرصد السوري مقتل 501 مدني غالبيتها على أساس طائفي ضمن سياق العمليات الانتقامية التي أعقبت المجازر، ما يضاعف الشكوك حول نجاعة اللجنة وقدرتها على كبح دوامة العنف والانتهاكات.
ورغم توفر أدلة مكتوبة ومصورة تُظهر تورط عناصر من القوات النظامية والرديفة في المجازر، لم تتخذ اللجنة أي خطوات فعلية نحو المحاسبة، كما امتنعت عن إصدار أي إدانة رسمية أو إجراء مقابلات جديّة مع ذوي الضحايا، ما يعكس حالة من التقاعس في تنفيذ المهام الأساسية المناطة بها.
وفي نيسان، تم تمديد فترة عمل اللجنة لثلاثة أشهر إضافية دون تقديم مبررات واضحة أو نتائج أولية، في خطوة وصفها المرصد السوري بأنها محاولة لتمييع المساءلة وتأجيل العدالة. في الأثناء، وردت معلومات عن ضغوط أمنية مورست على بعض الأهالي لتعديل رواياتهم وتحميل مجموعات من “فلول النظام” المسؤولية، في تجاهل متعمّد للأدلة الموثّقة.
وفي 18 أيار، أصدرالشرع مرسوماً جمهورياً بتشكيل “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، وهي هيئة مستقلة يُفترض أن تتولى مهمة كشف الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت في عهد النظام البائد، ومساءلة المسؤولين عنها، وجبر الضرر، وترسيخ مبادئ المصالحة ومنع التكرار.
ورغم وجود نصوص قانونية واضحة في سوريا تُجرّم القتل العمد وتدين التحريض على الكراهية والانتهاكات القائمة على أسس طائفية أو عرقية، بما في ذلك نصوص قانون العقوبات التي تنص على الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام في حال وجود دوافع طائفية، إضافة إلى تجريم التحريض على الفتنة بموجب المادتين 307 و308، إلا أن هذه القوانين لا تجد طريقها للتطبيق، ما يعزز مناخ الإفلات من العقاب.
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان تجارب مشابهة في عهد بشار الأسد، عندما شُكّلت لجان تحقيق عقب مجازر البيضا ورأس النبع، لكنها لم تُفضِ إلى محاسبة أي من المتورطين، بل استُخدمت كأدوات لامتصاص الغضب الشعبي والتغطية على الجرائم.