كاجين أحمد ـ xeber24.net
أكدت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية (USCIRF )، أن الحريات الدينية في تركيا تواجه انتهاكات خطيرة وتحولت تركيا في عهد أردوغان من دولة علمانية إلى دولة تدخل الدين في السياسة.
وخلال جلسة خاصة عبر “الزووم” حول حرية الدين في تركيا، التي افتتحتها رئيسة اللجنة فيكي هارتزلر ونائبها آصف محمود، قدم الشهود صورة لـ”انتهاكات منهجية وخطيرة”.
وقدمت رئيسة اللجنة هارتزلر قائمة واسعة من الانتهاكات، بدءًا من حرمان الكنائس المسيحية من الوضع القانوني، مرورًا بالقيود المفروضة على أماكن العبادة العلوية، والتمييز ضد الملحدين، ووصولًا إلى الاضطهاد الذي يتعرض له أعضاء “حركة الخدمة”. وذكّرت بقضية آيسو بايرام، المعروفة باسم “قضية الفتيات”، مشيرة إلى أن بايرام مُنعت من أداء صلواتها اليومية في السجن، وحُرمت من الحصول على الكتب الدينية التي طلبتها. من جانبه، أكد نائب الرئيس محمود أن “النضال من أجل حرية الدين أو المعتقد أصبح أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى”.
يُذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تعقد فيها اللجنة جلسة خاصة حول تركيا منذ عام 2018. وأشار أعضاء اللجنة في الجلسة التي عقدت عبر الإنترنت هذا الأسبوع، أن زيارتهم الاستطلاعية لتركيا في عام 2024 أكدت المخاوف التي أبرزوها في تقاريرهم.
شهادات حول القمع الديني
البروتستانت: قال رئيس اتحاد الكنائس البروتستانتية في تركيا، رمضان أركان، إن حوالي 10 آلاف بروتستانتي يعيشون في حالة من عدم اليقين القانوني. وأوضح أن “لا كنيسة من كنائسنا معترف بها رسميًا كدار عبادة”، وأن محاولات بناء الكنائس تُمنع، وتدريب رجال الدين محظور، كما يتم ترحيل القساوسة الأجانب. وأضاف أن المتطوعين يُصنفون على أنهم “تهديدات أمنية” وتُلغى تصاريح إقامتهم، معلقًا: “لقد تحدثنا عن مشاكلنا في كل مكان، ولكن لم يتغير شيء”.
العلويون: أكد رئيس اتحاد المؤسسات العلوية، حيدر دوغان، أن العلويين، الذين يشكلون خُمس سكان تركيا، يتم تجاهلهم مؤسسيًا. وقال إن أماكن عبادتهم “الجمعة خانات” تُرفض صفتها كدور عبادة، وأن قادتهم الروحيين يُحرمون من الوضع القانوني. وأوضح أن “الدولة لا ترى فينا جماعة دينية، بل عنصرًا فولكلوريًا”. ودعا دوغان إلى فرض عقوبات على خطاب الكراهية، وإصلاح المناهج التعليمية، والاعتراف بقادتهم الدينيين.
وقال رئيس المعهد الدولي للحرية الدينية، توماس شيرماخر، إن القمع في تركيا لا يستهدف غير المسلمين فقط، بل يستهدف أيضًا مجموعات مختلفة داخل الأغلبية السنية. وأشار إلى وضع أعضاء “حركة الخدمة”، وبعض الطوائف الصوفية، والملحدين، وأكثر من مليون شخص من “الأرمن السريين” الذين يعيشون بهوية “سنية في العلن وأرمنية في الخفاء”. واعتبر أن الجهود الرامية لإعادة فتح مدرسة “هالكي” اللاهوتية هي خطوة إيجابية ولكنها محدودة، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في العقبات المنهجية أمام التعليم الديني.
ووصف سونر جاغابتاي، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تركيا بأنها “دولة تتقلب بين القوى العالمية”، مشيرًا إلى تحولها من جمهورية علمانية إلى دولة تدخل فيها الدين في السياسة في عهد أردوغان. وشدد على ضرورة أن تبني الولايات المتحدة علاقاتها على أسس مؤسسية بدلًا من الصداقات الشخصية.
وكان عضو الكونجرس الأمريكي جاس بيليراكيس الأكثر حدة في انتقاداته، حيث قال: “منذ مائة عام، كان هناك مليونا يوناني في تركيا، واليوم لم يتبق سوى بضعة آلاف. وهذا نتيجة للتطهير العرقي والإبادة الثقافية”. وأدان بشدة إبقاء مدرسة هالكي اللاهوتية مغلقة وتحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وطالب بإدراج تركيا في قائمة “البلدان التي تثير قلقًا خاصًا”.
وعلى الرغم من أن الجلسة عُقدت عبر تطبيق “زوم”، إلا أن رسالتها كانت قوية: ليست الأقليات وحدها في تركيا من تواجه عقبات جدية في مجال الحرية الدينية، بل بعض قطاعات الأغلبية المسلمة السنية أيضًا. وتُؤكد هذه الجلسة الخاصة، وتواصل اللجنة، التي أسسها الكونجرس عام 1998، تقديم توصيات لصناع القرار والجمهور حول كيفية التعامل مع الوضع في تركيا.