كاجين أحمد ـ xeber24.net
تحت ضغط الضربات الجوية الإسرائيلية والمقاومة الدرزية، انسحب يوم أمس الخميس، مسلحي وزارة الدفاع والداخلية التابعتان للسلطة الانتقالية بدمشق من محافظة السويداء ليعلنوا أهلها بعد ذلك بأنها منطقة منكوبة، داعين إلى التسامح رغم الثمن الباهظ الذي دفعها أبناء الطائفة الدرزية من دماء خيرة شبابها ونساءها وأطفالها.
إلا أن مخطط السلطة الانتقالية لم يتوقف عند عمليات الانسحاب ومحاولة تهدئة الأوضاع، فبدل أن يخرج رأس هذه السلطة لاحتواء الوضع والاعلان عن محاسبة مرتكبي المجازر والقتل الجماعي بحق أبناء الطائفة الدرزية من عناصره المسلحة، توجه إلى نسج خيوط خطة جديدة للانتقام وقتل الأبرياء، بدأت بحملات تحريضية والعودة إلى القتل بصورة أخرى.
حملات تحريضية
كان خطاب الشرع الذي بثه في ساعات الفجر، يحمل رسالة واضحة على متابعة أعمال التصفية الطائفية، سواء أكان من زمن بث الخطاب أو عبر الكلمات التي وصفت الدروز باللاوطنية والعمالة لإسرائيل، ليبدأ بعدها آلته الإعلامية بحملات تحريضية ضد الدروز في مختلف مناطق سكناهم بسوريا.
وعلى إثر هذا التحريض الطائفي من قبل الإعلام الرسمي والمقرب للجولاني، تعرض الطلبة الددروز في الجامعات السورية سواء في مدينة حلب أو دمشق إلى حملات دهم واعتقال من عناصر ما يسمى بـ “الامن العام”، وهجمات من تجمعات بشرية تحت شعارات طائفية.
التجأ العديد من طلبة أبناء الطائفة في جامعات حلب ودمشق إلى الأحياء الكردية في المدينتين هرباً من حملات التحريض والضرب والقتل والاعتقال على مجموعات موالية للسلطة الانتقالية في السكن الجامعي، ومن قبل الأمن العام أيضاً.
لم يقتصر الأمر بضرب واعتقال الطلبة، لأن ماكينة التحريض لم تهدأ واستمرت في عملها بدواعي الانتقام، حيث نشرت مقاطع وصور ادعت أنها تعود لعمليات تصفية لبناء عشائر البدو في محافظة السويداء، مطالبة بتحشيد مسلحي العشائر والثأر لهم.
عودة مسلحي السلطة للقتل تحت عباءة العشائر
نجحت السلطة الانتقالية بمخططها في نفخ نار الحقد وإشعال الطائفية في سوريا، وخروج العديد من شيوخ ووجهاء العشائر التي ينخرط ابناءها في وزارتي الدفاع والداخلية ببيانات تطالب التحرك إلى السويداء لقتل الدروز ثأراً للبدو، والذين كانوا اصلاً مع النظام السابق والإيرانيين.
بدأ قادة التشكيلات العسكرية في وزارة الدفاع والأمن العام بتنظيم المسلحين ونقلهم إلى محافظة السويداء بعد أن نزعوا عن أجسادهم بزتهم العسكرية، وتزينوا بلباس أبناء العشائر.
هاجم مسلحو السلطة الانتقالية وقواتها الرديفة من أبناء العشائر أطراف محافظة السويداء، قتلوا ونهبوا وأحرقوا منازل القرويين بدعم وتخطيط من راس السلطة الانتقالية في دمشق وحاشيته المقربة منه، ليبدأ من جديد التوتر والقتل في السويداء.
وأكد قيادي في المجلس العسكري بالسويداء، أن من يهاجم هم فصائل أجنبية من الايغور وتركستان والأمن العام، وما يسمى قوات العشائر خلفهم بكيلومترات.
بدوره، أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبد الرحمن، تعليقا على المقاطع والصور المسربة من ميادين القتال في السويداء، أن من يرتدون لباس العشائر بينهم قائد فرقة عسكرية، وقد قيل إنهم ذاهبون إلى السويداء للدفاع عن العشائر، بينما هم في الواقع عناصر أمنية، غالبيتهم من القوات الأمنية.
استمرار الاشتباكات وسط وضع انساني متدهور
لا تزال الاشتباكات مستمرة في ريف محافظة السويداء، تزامنا مع حملات التحريض من قبل الاعلام المقرب من السلطة الانتقالية، في حين أن المقاومة الدرزية تستمر بالاستماتة في الدفاع عن مناطقها أمام هذه الهجمات الهمجية.
مع استمرار الاشتباكات تشهد السويداء وريفها أوضاعاً إنسانية متدهورة، من انقطاع تام للاتصالات والكهرباء ونقص حاد للمواد الغذائية والطبية والحاجيات الأساسية للإعاشة اليومية، مع مقاطعة تجار المحافظات الأخرى عمليات البيع والشراء مع تجار السويداء لتطبيق حصار خانق ومميت على أهلها.
وأكد رامي عبد الرحمن، أن هناك شحّ حاد في المواد الغذائية، والأوضاع الإنسانية كارثية كما تكشف المعلومات عن مجازر كبيرة، وهناك محاولات للضغط إعلاميًا للتغطية على هذه المجازر.
وأضاف في حديث لوسائل إعلام عن آخر التطورات في السويداء، أن الإعلام المقرب من السلطة يشن حملة تحريضية لزرع الفتنة في السويداء، موضحاً أنه لو كان هناك محاسبة لمجرمي مجازر الساحل لما شاهدنا انتهاكات في السويداء.
وتابع عبد الرحمن، نحن ضد العدوان الإسرائيلي والاستعانة بإسرائيل وفي نفس الوقت ضد الاستعانة بالتركي، وقال: الذين شرعنوا الاحتلال التركي ومجازره وانتهاكاته في عفرين اليوم يندد بالهجمات الإسرائيلية.
وقال الناشط الحقوقي، نادينا الرئاسة الروحية بمنع التعدي على عشائر البدو ولبت النداء على الفور، مؤكداً أن المرصد السوري مرصد لحقوق الإنسان وليس مرصد لحقوق الطوائف.
هذا وأكد العديد من الناشطين والمراقبين، أن هدف سلطة دمشق الانتقالية من هذا المخطط، المرافق بحملة إعلامية تحريضية، هو تنفيذ لقرار وزارة الداخلية بعودة عناصرها إلى المحافظة، الأمر الذي يرفضه أبناء المحافظة خوفاً من عمليات التطهير العرقي.