جولة الصحافة

هزات ارتدادية انتخابية لزلزال تركيا

أقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء بوجود بعض المشاكل في الاستجابة المبدئية للكارثة، لكنه ذكر أن العمليات عادت لطبيعتها، بينما يتوقع أن يكون للكارثة هزات ارتدادية سياسية وانتخابية وقد تؤثر على حظوظ حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان في الانتخابات المقررة في مايو، فيما يرجح أيضا أن يكون الزلزال وتداعياته مادة ساخنة للسجالات السياسية.

ويأتي اعتراف أردوغان ضمنيا بالتقصير في الاستجابة السريعة مع متطلبات التعامل مع أعنف زلزال ضرب البلاد، بينما تتعالى أصوات الغضب في أكثر من محافظة منكوبة متسائلة عن مآل 4.5 مليار دولار من عائدات ضريبة على الزلازل أقرها النظام التركي في العام 1999 بعد زلزال خلف 17 ألف قتيل.

ومن المتوقع أن تكون أموال الضريبة المثيرة للجدل محل سجالات سياسية بعد أن تهدأ عمليات الإنقاذ وتبدأ عمليات تنظيف الركام وإعادة اعمار ما دمره الزلزال وستكون حاسمة كذلك في الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو القادم، بينما تواجه حكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان موجة غضب بسبب التجاوب البطيء مع الزالزال.

ورغم تدفق المساعدات الدولية على تركيا من كل دول العالم تقريبا، لا يزال آلاف المتضررين في الشوارع في موجة برد تقارب درجة الصفر مئوية، بينما آلاف آخرون عالقون تحت الأنقاض وتتضاءل آمال انقاذهم.

وقام أردوغان بأول زيارة للمنطقة المنكوبة التي ضربها يوم الاثنين زلزالان قويان وتوابعهما في وقت تأكد فيه أن عدد قتلى الكارثة في بلاده وسوريا المجاورة تجاوز 12 ألفا.

وأضاف في تصريحات أدلى بها من إقليم كهرمان مرعش بالقرب من مركز الزلزال وفي خلفية حديثه أصوات متواصلة لسيارات إسعاف، أنه كانت هناك بعض المشاكل في الطرق والمطارات لكن كل شيء سيصبح أفضل يوما بعد يوم.

وقال “في اليوم الأول شهدنا بعض المشكلات لكن في اليوم الثاني واليوم الوضع تحت السيطرة”، مضيفا أن الحكومة تهدف إلى بناء مساكن خلال عام لمن شردتهم الكارثة في الأقاليم العشرة المتضررة.

وتسببت الهزة الأولى التي تعد الزلزال الأكثر تدميرا في عقود، في إشاعة الفوضى في مستشفيات ومطارات وطرق وأسفرت عن تهدم أكثر من 6400 بناية في تركيا. وشكا الكثير من السكان منذ ذلك الحين من عدم وجود موارد كافية والاستجابة البطيئة للكارثة.

وقال أردوغان بعد أن زار خياما نصبتها إدارة الكوارث والطوارئ (آفاد) لإيواء المشردين من الكارثة “كانت لدينا بعض المشكلات في مطارات وطرق لكننا في وضع أفضل اليوم. وسنكون في وضع أفضل غدا وما بعده. لا تزال لدينا بعض المشكلات مع الوقود… لكننا سنتخطاها أيضا”، مشيرا إلى أن على المواطنين أن يلتفتوا فقط لإفادات السلطات وأن يتجاهلوا “المحرضين”.

وقالت السلطات التركية إن نحو 13.5 مليون شخص تضرروا في منطقة تمتد تقريبا على مساحة 450 كيلومترا من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق.

وقال مسؤولون وخبراء اقتصاديون إن الزلازل المدمرة التي شهدتها تركيا ستضيف مليارات الدولارات من الإنفاق إلى ميزانية أنقرة وستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام إذ أن الحكومة ستضطر للقيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.

وتعرضت آلاف البنايات بما في ذلك منازل ومستشفيات فضلا عن طرق وخطوط أنابيب وبنية تحتية أخرى لأضرار جسيمة في المنطقة التي يسكنها حوالي 13.4 مليون نسمة.

وبينما يقول مسؤولون إن الحجم الكامل للدمار لم يتضح بعد إلا أنهم يعتقدون أن إعادة الإعمار ستضع ضغوطا على ميزانية تركيا.

وقال مسؤول كبير لرويترز “ستكون هناك أضرار بمليارات الدولارات”، مضيفا أنه ستكون هناك حاجة لإعادة بناء سريعة للبنية التحتية والمنازل والمصانع.

ومن المرجح أن تخيم الأسابيع المقبلة التي ستشهد انتشال الجثث وإزالة الأنقاض على فترة الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 14 مايو أيار والتي تشكل بالفعل أصعب تحد للرئيس رجب طيب أردوغان في عقدين قضاهما في السلطة.

وتعاني تركيا منذ سنوات من ارتفاع معدلات التضخم وانهيار العملة بسبب تبني أردوغان سياسات اقتصادية غير تقليدية. وأدت دعواته لخفض أسعار الفائدة إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عاما عند 85 بالمئة العام الماضي وهبطت الليرة لعشرة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.

ولدى تركيا مستويات ديون أقل بكثير من معظم الدول، لكن تقلص احتياطي العملات الأجنبية لسنوات وتراجع استقلالية البنك المركزي والنظام القضائي والأساليب غير التقليدية في الإدارة بشكل عام كان لها تأثيرها.

وضربت الزلازل البلاد في وقت أعطت فيه سياسات الحكومة الأولوية للإنتاج والصادرات والاستثمارات من أجل تعزيز النمو الاقتصادي رغم أن التضخم بلغ أكثر من 57 بالمئة بحلول يناير.

كما من المتوقع أن تلحق الزلازل أضرارا بالإنتاج في المناطق المنكوبة التي تمثل 9.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.

وأظهرت بيانات بورصة الطاقة في إسطنبول تراجع استخدام الكهرباء في تركيا بنسبة 11 بالمئة يوم الاثنين مقارنة بالأسبوع السابق بما يعكس حجم تأثر الاستهلاك. ومن شأن هذه الأضرار أن تؤثر على النمو الاقتصادي هذا العام.

وقدر ثلاثة خبراء اقتصاديين أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض بما يتراوح بين 0.6 ونقطتين مئويتين في ظل سيناريو يهبط فيه الإنتاج إلى النصف في المنطقة، وهو أمر قالوا إنه قد يستغرق من ستة أشهر إلى 12 شهرا للتعافي.

وقال مسؤول كبير إن النمو قد يتراجع نقطة أو نقطتين مئويتين دون النسبة المستهدفة البالغة خمسة بالمئة، مضيفا “بعض موارد الاستثمار المتوقعة في الميزانية ستوجه لاستخدامها في هذه المناطق”.

ونصيب المنطقة الجنوبية الشرقية التي ضربها الزلزال من صادرات البلاد 8.5 بالمئة و6.7 بالمئة من وارداتها، لكن خبراء اقتصاديين يقولون إنه من غير المرجح أن تؤثر الزلازل على الميزان التجاري لتركيا حيث من المتوقع أن تنخفض الصادرات والواردات على حد سواء.

وقال ولفانجو بيكولي العضو المنتدب لشركة تينيو إنتليجنس للاستشارات إن من المستبعد أن يلحق الزلزال أضرارا جسيمة بالاقتصاد مقارنة بآخر مماثل في القوة ضرب المنطقة الصناعية شمال غرب تركيا في عام 1999.

وكتب في مذكرة “ضربت الزلازل واحدة من أفقر مناطق البلاد وأقلها تقدما. ولم تؤثر على مناطق واقعة في الغرب يفضلها السائحون الأجانب الذين أصبحوا أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في تركيا”.

المصدر: أحوال تركية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق